الملخص
إن الحمد الله نحمده ونستعينه, ونعوذ باالله من شرور أنفسنا, ومن سيئات أعمالنا, من يهده االله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا االله وحده لا شريـك لـه, وأشـهد أن ً محمدا عبده ورسوله, صلى االله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه, ومن اهتد? بهديه واقتفى أثـره إلى يوم الدين, أما بعد: فـإن االله سـبحانه خـص الإنـسان بفـضل النظـر والاستبـصار, حيـث قـال جـل شـأنه: { ,(1) z ´ ³ ²وعلمه ما لم يكن يعلم, وكرر عليه ما لم يلحق من أنباء الحضارات الماضية, وأراه متقلبهم في هذه الدنيا الفانية, التي هي دار مفر وزوال, وجعـل الأيـام بيـنهم دولاً والأقوام بعضهم من بعض بدلاً. والناظر في تاريخ الحضارات البائدة, يجد أن لها إرث ًا ثقافي ًا عريق ًا ضارب ًا في جذور المـاضي, يبدو لنا على هيئة ٍ آثار تعكس للإنـسانية دلالات ثقافيـة مختلفـة ومتنوعـة في المعرفـة, والقـيم, وفي النظم وغير ذلك, كما يمكن للمسلم أن يستفيد من هذا الإرث الثقافي المتراكم عبر السنين ً اسـتفادة لا تتعارض وتعاليم الإسلام, المستمدة من هدي الكتاب والسنة. إن الدلالات الثقافية تتعدد بتعدد الآثـار المكتـشفة, فـما أن يكتـشف أثـر مـن الآثـار; إلا ويفرز عن مدلول ثقافي مدفون معه, وبتكرار النظر, وبمزيد مـن التأمـل; يـتجلى لنـا ٌ بعـد ٌ ثقـافي آخر... وهكذا, حتى نحصل على ٍ منظومة ٍ ثقافية ٍ متكاملـة, نستخلـصها مـن مجمـوع الحـضارات المتعاقبة, لنقف على حقيقة مفادها أن االله تعالى كرم الإنسان, ومن دلائل تكريمه لـه أن وهـب لـه ً عقلا ً مفكرا, وسخر له ما حوله, لتستقيم حاله, ولتهنأ عيشته.