ضوابط تنفيذ العقوبة في الشريعة الإسلامية و النظام السعودي
مؤلف
آل مساعد، خالد بن محمد بن سعود.
الملخص
لقد أحاط الله سبحانه وتعالى بمخلوقاته علما وحكمة، علم ما يتصل بنفس الإنسان وبمجتمعه يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ، وعلم سبحانه علل المجتمع وأمراضه، وهو الحكيم العليم، فجعل لكل داء دواء، وهيأ وسائل الشفاء، فإذا شرع تشريعاً جاء ذلك التشريع في أعلى درجات الخبرة والحكمة ولطف التدبيرأَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ، وهو سبحانه وتعالى قد شرع لعباده فيما شرع العقوبات، التي حددها وقدرها في كتابه الكريم وعلى لسان رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم، المتعلقة بأمور الأمة وتدخل في مقوماتها، لأنها وقاية للأفراد وصيانة للمجتمعات، وفيها حفظ للكرامة الإنسانية أن تمتهن أو تذل أو تخضع لغير سيدها ومولاها وخالقها، وحقنا للدماء أن تسفك ظلماً وعدونا، وإحرازاً للمال أن يؤكل بالباطل سحتاً وإجحافا، وصيانة للأعراض والأنساب أن تدنس أو تلوث اختلال واعتلال. فإن الله العليم الخبير، قد فرض على الأمة أن تقيم تلك العقوبات وتطبقها عملياً وعلنيا متى استوفت شروطها، ولم تكن هناك ثمة شبهة تدرؤها أو تمنع من إقامتها. والنظام الإسلامي جاء لإرساء الحكمة المشروعة من تنفيذ العقوبات، بما يجده ذوو المجني عليه من الراحة النفسية من إرساء قواعد العدل والإنصاف، وتأديب الجاني بنص وحي السماء، وردعاً لغيره ممن تدعوه نفسه إلى ورود موارد الحرام، لهذا فإن هذه الحكمة لا تتحقق بمجرد التنفيذ بحد ذاته بل لابد من إعلانها، وإطلاع الآخرين على إقامتها في مشهد عام تحضره طائفة من المؤمنين، فيكون أوجع وأوقع في نفوس الفاعلين والناظرين، لما في ذلك من أثر بارز، وخاصة في ظل التطور المهول للتقنية الحديثة، بما يحقق انتشار للمعلن وما يترتب عليه من إنجاز المقاصد، وتحقيق المكاسب. وبما أن التنفيذ هو النتيجة العملية لما يصدر من الأحكام المقضي بها، حيث أنه الثمرة التي يترتب عليها مصالح عديدة على الفرد والمجتمع في استتباب واستقرارا الحياة.