الأداء الإعلامي الدبلوماسي للعاملين في سفارات المملكة العربية السعودية دراسة تطبيقية على العاملين في سفارة المملكة في المملكة المتحدة /
مؤلف
الزايد، إبراهيم بن عبد الله،
الملخص
مدخل إلى موضوع البحث وأهميته. تعد فترة ما بين الحربين العالميتين فترة مهمة دولياً نظراً لظهور العديد من الاتجاهات والنظريات العلمية التي تحكم طبيعة العلاقة بين الدول والشعوب. ففي مجال العمل الدبلوماسي تسابقت الدول إلى الاهتمام بالدبلوماسية وعملت على تطويرها وإعطائها الأولوية في السياسة الخارجية، وتزامن هذا الاهتمام مع بروز الدور الإعلامي على المسرح العالمي والذي تبلور شيئاً فشيئاً كأداة فعالة ومؤثرة من أدوات السياسة الخارجية( )، وبذلك بدأت الحكومات تُعْنىَ بالجانبين معاً (العمل الدبلوماسي والعمل الإعلامي) لتفعيل علاقاتها الخارجية بشكل تضمن معه تحقيق قدر مرض من مصالحها المشتركة على الصعيد الدولي. ونتيجةً لهذا التوجه الدولي ارتبط العمل الإعلامي بالوظيفة الدبلوماسية ارتباطاً عضوياً؛ فإلقاء البيانات ونشر الأخبار وإجراء الاتصالات وإقامة علاقات مع صانعي القرار السياسي والصفوة وقادة الرأي والاتصال بالجماهير أصبحت من المهام الأساسية للمبعوث الدبلوماسي( ). ويتعاظم هذا الارتباط في العصر الحاضر تبعاً لحقيقة علمية مفادها أن دبلوماسية القرن العشرين تميزت بالرغبة في استثمار نظريات الإعلام والاتصال الدولي لتحقيق وظيفتها في السياسة الخارجية، حيث تشير الدراسات إلى أن عمق مساحة التعارف بين أي شعبين هي مهمة إعلامية في المقام الأول. مما يجعل الإعلام أداة دبلوماسية مهمة في بعدها الدولي( ). كما يزداد الارتباط بين الدور الإعلامي والدور الدبلوماسي للمبعوث الدبلوماسي نتيجةً للتطور الهائل الذي شهده النصف الأخير من القرن العشرين في مجال الاتصالات الدولية، حيث تقدمت وسائل نقل الصور والمعلومات والأخبار والتقارير، بل أصبحت بقدراتها وإمكاناتها الهائلة وسائل منافسة للعمل الدبلوماسي التقليدي مما يوجب على المبعوث الدبلوماسي الإفادة من هذه التقنية وتسخيرها لخدمة وظيفته الدولية المركبة( ). فلم يعد المبعوث الدبلوماسي قادراً على أداء مهامه بجدارة دون أن تكون لديه المهارة الإعلامية اللازمة. في هذا الإطار يشير جمال بركات إلى أنه ينبغي التنسيق بين الدبلوماسية والإعلام باعتبارهما محورين متكاملين، وأن العلاقات الدولية التي تتولاها المؤسسة الدبلوماسية لابد من أن يسايرها إعلام واعٍ يشرح قيم بلده وثقافته ومبادئه ويذود عنها( ). ولذا فإن على الدبلوماسي أن يفيد من وسائل الإعلام في التعرف على الأنباء سواءً عن البلد المقيم به أو عن البلاد الأخرى ومتابعة ما يحدث في أنحاء العالم حيث نجحت أجهزة الإعلام العالمية في أن تضع في متناوله ومتناول الحكومات ووزارات الخارجية تغطية شاملة للأحداث حول العالم( ). ومع تلك الأهمية الكبيرة للوظيفة الإعلامية للمبعوث الدبلوماسي فإن من الملحوظ قلة الدراسات العلمية المتخصصة التي عُنيت بفحص العلاقة بين الوظيفتين الإعلامية والدبلوماسية للمبعوث الدبلوماسي، وهذا النقص في المعلومات المتاحة حول الأداء الإعلامي للدبلوماسي يبدو ظاهراً في مختلف الدول العربية مع الفارق النسبي بين دولة وأخرى، ويعلل الخبراء هذا النقص بأن ميدان الإعلام الدولي والإعلام الدبلوماسي الذي يتفرع منه لا يزال بكراً، وأن الحاجة ماسة إلى بذل المزيد من الجهود الأكاديمية والتطبيقية، وذلك لعدة أسباب من أهمها تزايد الحاجة إلى التخطيط في مجال الإعلام الدولي وإلى الربط المحكم بينه وبين العمل الدبلوماسي( ). ولا تختلف المملكة العربية السعودية عن باقي الدول العربية فيما يتعلق بقلة الدراسات في مجال الإعلام الدولي، فقد أشار مالك الخيّال في دراسة أجراها حول الإعلام الخارجي ودوره في تحقيق أهداف السياسة الخارجية إلى ""انعدام وجود دراسات أو أبحاث أو مسوح عن مدى فاعلية ونجاح الإعلام الخارجي السعودي في أداء مهامه"" ثم أضاف الخيّال ""أن ذلك سينعكس سلبياً على التخطيط الإعلامي الموجه للخارج""، وهو يرى أنه ""ليس بمقدورنا قياس مدى نجاح الإعلام الخارجي السعودي في مهمته...من عدمه، فقياس مدى تأثيره على الرأي الإقليمي والدولي أمر يحتاج إلى إجراء الكثير من البحوث والدراسات التي تتطلب زمناً طويلاً وجهوداً جبارة"". ويخلص الخيّال إلى أن ""الإعلام الخارجي إن كان قد حقق قفزة كبرى في التطور التقني فإنه لا يزال قاصراً من الناحية العملية عن توظيف الإمكانات الضخمة المتاحة في خدمة أهداف السياسة السعودية""( ). هذه الحقيقة العلمية حول نقص الدراسات التي تعنى بفحص العلاقة بين الوظيفتين الإعلامية والدبلوماسية للمبعوث الدبلوماسي السعودي، دفعت الباحث إلى التعمق في فهم هذا الموضوع محاولاً كشف أبعاده المختلفة. وقد تمثل جهد الباحث في هذا الإطار في قيامه بدراستين استكشافيتين وذلك لغرضين رئيسين هما؛ وضع فكرة عنوان هذه الرسالة، والهدف الثاني؛ التعرف على اتجاهات بعض المسؤولين عن الإعلام الخارجي السعودي - في وزارة الخارجية ووزارة الإعلام- نحو الأداء الإعلامي للدبلوماسي السعودي، فكانت الدراسة الأولى: مقابلات علمية مع عدد من المسؤولين في وزارة الخارجية ووزارة الإعلام. أما الدراسة الثانية: فهي دراسة وثائقية تمت على عينة عشوائية من وثائق تابعة للسفارة السعودية في المملكة المتحدة إضافة لمراجعة عدد من الدراسات المتاحة حول الموضوع. وقد خلص الباحث إلى جملة من النتائج