أحكام اعتداءات الكفار بعضهم على بعض في دار الإسلام
مؤلف
السياري، عبد الله فهد أحمد،
الملخص
أما أهمية الموضوع عموماً فلأنه موضوع يتعلق بعدة جوانب ولكل جانب منها أهميته الخاصة به، فهو موضوع يهم القائمين على الدول الإسلامية التي يعيش فيها كثير من أصناف الكفار فلا يخلوا بلد من بلدان الأمة الإسلامية إلا وفيها أهل ذمة أو معاهدون أو مستأمنون وغيرهم من الملل والطوائف المختلفة فهناك اليهود والنصارى والمجوس والوثنيون وغيرهم مما يجعل الحالة ملحة لمعرفة الأحكام الفقهية المتعلقة بهؤلاء وكيفية التعامل معهم في ظل الدولة الإسلامية ومما لا شك فيه أن الإسلام لم يغفل أولئك القوم من وضع أحكام تخصهم فلقد جاء الإسلام كاملاً وصالحاً لكل زمان ومكان وأعطى الخطوط العريضة في ذلك وكثيراً من التفاصيل التي تبين أحكامهم فالرسول صلى الله عليه وسلم عقد الذمة لليهود وصالح كفار قريش وابرم الاتفاقيات والمعاهدات وكفل حقوقهم ورعى ذممهم وحمى دماء وأموال كل من دخل بأمان من اعتداء أحدٍ سواءً كان من المسلمين أو من أهل الذمة. وجاء من بعد الرسول صلى الله عليه وسلم الخلفاء الراشدون فساروا على هديه واقتفوا أثره في كيفية التعامل مع الكفار الذين يقيمون في ظل الخلافة الإسلامية. ولم يغفل علماء الأمة هذا الجانب المهم في الدولة الإسلامية لأن الأساس الذي ينبغي أن تقوم عليه الدول هو العدل، وخير معين يمكن أن تستقى منه هذه الأحكام الشريعة الإسلامية من كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وإجماع العلماء و اجتهاداتهم فألفوا في ذلك المؤلفات المستقلة وغير المستقلة فتجدهم يعقدون أبواباً في كتبهم مثل باب أهل الذمة، أهل العهد، وغير ذلك من المسائل التي توجد في ثنايا كتبهم مما يخدم هذا الجانب. وكذلك فإن هناك جانباً مهماً في هذا الموضوع ألا وهو الجانب القضائي الذي قد تعرض لـه كثير من هذه القضايا التي تحدث لهم سواءً كانت قضايا مالية أو جنائية وسواءً كانت الجنايات عليهم أو منهم أو فيما بينهم، وقد اقتصرت في هذا البحث على جنايتهم فيما بينهم وأعرضت عما سوا ذلك، والله أعلم. وفيما يلي بعض أسباب اختياري لهذا الموضوع: 1-نظراً لأن هذا الموضوع (بحث تكميلي) والمادة التي جمعتها في هذا الموضوع تتناسب مع حجمه بل قد تزيد على ذلك. 2-كثرة الأحكام والمسائل التي تتعلق بهذا الموضوع وقد وجدتها مسائل متناثرة في بطون أمهات الكتب، وبعض المسائل هنا وهناك ولم أجد _ على حد علمي – من أفرد هذا الموضوع ببحث مستقل. 3-أهمية هذا الموضوع للقضاة إذ أن المعهد العالي للقضاء يحرص على أن يخدم الجانب القضائي ويزوده بما يعينه على أداء مهمته علمياً وعملياً. 4-ما أجده في نفسي من رغبة قوية تجاه هذا الموضوع ومحاولة استقصائه من جميع جوانبه مستعيناً بالله أولاً ثم بما تركه سلف هذه الأمة من مؤلفات تحتوي على كثير من المسائل التي تحتاج إلى نظمٍ وترتيب في بحث مستقل.