عقوبة الصلب في الفقه الإسلامي وتطبيقاتها في المحاكم الشرعية
مؤلف
الغامدي، عبد السلام بن عبد الله بن متعب،
الملخص
ومن العقوبات الشرعية في الإسلام التي تحقق الردع والزجر عقوبة الصلب وقد اخترت الكتابة في هذا البحث بعنوان : "" عقوبة الصلب في الفقه الإسلامي "" * أهمية الموضوع : تأتي أهمية هذا الموضوع في عدة نقاط منها : أولاً : كون عقوبة الصلب شُرعت لمصلحةٍ تعود إلى صيانة النفوس والأموال والعقول والأعراض لكافة الناس ، والزجر عما يتضرر به العباد من أنواع الفساد. ثانياً : تحقيق أن الإسلام دين الرحمة والرأفة من خلال تشريع العقوبات تحقيقاً لمصالح العباد. ثالثاً : إزالة شبهات غير المنصفين الذين يصفون تطبيق عقوبة الصلب في الإسلام بالقسوة والهمجية. رابعاً : حاجة المختصين من الباحثين وغيرهم لمعرفة حقيقة هذه العقوبة من الجانبين النظري والتطبيقي. خامساً : قلة الدراسات في هذا الجانب المهم من التشريع الجنائي. * سبب اختيار الموضوع : أولاً : ما لمسته في المحاكم الشرعية أثناء لقائي ببعض أصحاب الفضيلة القضاة ، من أن الحاجة ملحة لبحث موضوع الصلب ، وتفصيل القول في مسائله ، نظراً لكثرة الجرائم وتشعبها وخاصة أن التعمق في فهم الأهداف العامة لعقوبة الصلب يُعين على إصابة الحق سواء أكان إيقاعه حداً أم تعزيراً . ثانياً : تنوع الأفعال والأعمال الإجرامية في هذا الزمان ، نظراً للبعد عن منهج الله القويم ، وتوفر وسائل الاتصال والمواصلات والفضائيات التي أفسدت عقول بعض المسلمين ، ولابد حتى ينضبط المجتمع من تطبيق العقوبات الحدية والتعزيرية ، ومن تلك العقوبات عقوبة الصلب من جانبيها الحدي والتعزيري ، والتي غفل المسلمون عن كثير من أحكامها وتفاصيلها لردع أصحاب النفوس الضعيفة . ثالثاً : عدم وجود دراسات أفردت عقوبة الصلب بالدراسة والبحث عدا كتابات متفرقة ومتناثرة في أمهات كتب الفقه ، وإشارات في بعض الرسائل الجامعية ، وسيأتي بيانها _ إن شاء الله _ والمقصود عدم دراسة عقوبة الصلب دراسة شافية مستوفية لجميع المسائل والأحكام ، ثم إني وجدت بعد طول بحث أن أكثر العقوبات الشرعية سبق وأن كُتب فيها مثل القصاص والقطع والنفي والحبس ونحوها عدا الصلب وهو لا يقل عنها أهمية . رابعاً : كثرة ما يتردد في وسائل الإعلام المختلفة من كيل التهم وإثارة الشبهات حول تطبيق عقوبة الصلب في الإسلام ، مما يجعل أهل الغيرة على هذا الدين يبذلون الجهد للرد على ذلك ، ولعل في هذه البحث معالجة علمية موثقة ، وإظهارٌ للحقائق التي يحاول البعض إخفاء معالمها ، وقد قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ « إن إقامة الحد من العبادات كالجهاد في سبيل الله ، فينبغي أن يعرف أن إقامة الحدود رحمة من الله بعباده : فيكون الوالي شديداً في إقامة الحد ، لا تأخذه رأفة في دين الله فيعطله . ويكون قصده رحمة الخلق بكف الناس عن المنكرات ؛ لا شفاء غيظه ، وإرادة العلو على الخلق : بمنزلة الوالد إذا أدب ولده ، فإنه لو كف عن تأديب ولده كما تشير به الأم رقة ورأفة لفسد الولد ، وإنما يؤدبه رحمة به ، وإصلاحاً لحاله مع أنه يود و يؤثر أن لا يحوجه إلى تأديب ، وبمنزلة الطبيب الذي يسقي المريض الدواء الكريه ، وبمنزلة قطع العضو المتآكل ، والحجم ( الحجامة ) ، وقطع العروق بالفصاد ، ونحو ذلك ، بل بمنزلة شرب الإنسان الدواء الكريه ، وما يُدخله على نفسه من المشقة لينال به الراحة » .