الملخص
التمهيد: حياة الشاعر: هو أبو عبدالوهاب، محمد بن فهد بن عبدالله بن عيسى بن عبدالرحمن آل صقيه التميمي. من مواليد مدينة عنيزة في منطقة القصيم سنة 1346هـ. تحول مع والده إلى المدينة النبوية, وهو في السنة الثانية من عمره, وفيها نشأ وتربى على يد والده وجده لأمه الشيخ صالح بن عبدالله الزغيبي خطيب المسجد النبوي. ابتدأ تعليمه في مدرسة ""دار العلوم الشرعية"" بالمدينة, ثم تحول إلى مدرسة ""النجاح"" الأهلية وتخرج فيها, بالإضافة إلى حضوره بعض الدروس العلمية بالمسجد النبوي. أما المصدر الأساس لثقافته, فهو الجهد الذاتي المتمثل في القراءة والاطلاع. في سنة 1359هـ تحول العيسى من المدينة إلى جدة وبدأ حياته الوظيفية. ترقى في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية حتى وصل إلى منصب وكيل الوزارة. وتولى عدة مناصب في وزارة الخارجية, أهمها القيام بأعمال سفارة المملكة في ست دول عربية. ويتخلل تلك الأعمال مشاركات في المؤتمرات العربية والدولية, وفي دورات الجامعة العربية. من إنتاجه: الدواوين: على مشارف الطريق، وليديا، والإبحار في ليل الشجن، ودروب الضياع، والحرف يزهر شوقاً، وندوب، وحداء البنادق، وليلة استدارة القمر، وكتابات في معظم الصحف والمجلات المحلية والعربية في الأدب والشعر والاجتماع. الفصل الأول- سيرته الشعرية، والمؤثرات في شعره: في المرحلة الأولى ظهر اعتناق العيسى للرومانسية منذ نعومة أظفاره، وتأثره برموزها في العالم العربي، ولاسيما أبو القاسم الشابي، ويُعد من رموزها في الشعر السعودي، وتميزت هذه المرحلة بعدة خصائص في الفن والمضمون. أما المرحلة الأخرى فأبانت عن نضج شخصيته الشعرية واستقلاله بمنهجه الذي اختاره لنفسه، و برز في هذا المنهج عدد من آراء الشاعر وتوجّهاته النقدية. وتشكّل البيئة، والثقافة الخاصة والاطلاع الذاتي، والتنقلات والأسفار، أهم المؤثرات في شعره. الفصل الثاني- الدراسة الموضوعية: تحدث العيسى في شعره عن مضامين عديدة سيطرت عليها الوجدانية، فأولها- الحب والغزل، وفيهما برز الحب الإنساني العام، وهو الغالب عنده، والغزل العذري، ثم الغزل الحسي، وهو قليل وغير مبالِغ في الحسية. وثانيها- القلق والاغتراب، وأهم الأسباب التي دعته إليهما موقفه من الناس حوله، وتبادل الظنون السيئة بينهما، أما أهم مظاهرهما في شعره فهو التشاؤم وحب الوحدة. وهناك مضامين أخرى أقل من السابقة بكثير وهي: القضايا العربية، ولكنه لم ينشر منها إلا ما يخص قضية فلسطين، والحنين إلى الوطن، والفخر، والرثاء، والإخوانيات. الفصل الثالث- الدراسة الفنية: اتسمت أفكار العيسى ببعض السمات الفنية، فلديه أفكار جديدة، استقاها – في الغالب - من فكر الرومانسية ورموزها. وغلب على أفكاره الوضوح، أو الغموض الشفاف. أما عواطفه فسيطرت عليها الذاتية، ولم تتجاوزها إلى الجماعية إلا في حالات قليلة، ولكلٍ منهما خصائص وسمات تنفرد بها. وفي الجانب الخارجي للقصيدة تجد القصر والتوسط يسيطران على بناء القصيدة، وتتبين عنايته الجيدة بعناوين الدواوين والقصائد، والوحدة الموضوعية للقصيدة، بينما لا تراه يولي المطالع والخواتيم، والوحدة المنطقية والعضوية، عناية تُذكر. وفي اللغة تلحظ اهتمامه بانتقاء مفرداته وانتخابها من الواضح وغير المبتذل، وبتوظيف الأساليب الإنشائية بطريقة تتماهى مع عواطفه وأفكاره، وفي معجمه اللغوي، وما فيه من حقول دلالية، دلالة على ما مر به الشاعر من تطور فني وفكري. ويؤخذ على الشاعر عدم اهتمامه بصحة لغته، حيث تكثر عنده التجاوزات اللغوية – نحوية أو صرفية...-، وغضُّ الطرف عن هفوات الأسلوب، وذلك يشوّه القصيدة ويوهن البناء ويطفئ وهجه. وقد اعتمد الشاعر اعتماداً قوياً على الصورة المجازية في تشكيل صوره الفنية، وبرزت سيطرة الاستعارة المكنية واضحة على هذه الصور، كما أفاد من (تراسل الحواس) فشكل صوراً جيدة، ووظف الرمز بنوعيه: الجزئي والكلي فنجح فيه نجاحاً ملحوظاً. ويشكل الشعر التفعيلي النسبة العليا من شعر العيسى (67.78٪)، ومع ذلك فقد راوح بين خمسة من أنماط الموسيقا الخارجية، وهي: القصيدة الخليلية (موحدة البحر والقافية)، والقصيدة ذات القوافي المقطعية (موحدة البحر ومختلفة القوافي)، ونظام التوشيح، والقصيدة التفعيلية، وما يسمى (قصيدة النثر). لكن عنايته بالموسيقا الخارجية قليلة؛ ولذلك كثرت عنده الكسور العروضية واضطراب الأوزان. بينما على العكس من ذلك عنايته بالموسيقا الداخلية، فهي ظاهرة بارزة عن طريق التكرار، والموازنة، والتقسيم الموسيقي، والتنوين، وغيرها. الباحث/ جبر بن ضويحي الفحّام