شرح التلخيص المطول من بداية علم البيان إلى نهاية الكتاب دراسة وتحقيقا /
مؤلف
السديس، أحمد بن صالح
الملخص
للبلاغة في النفوس تعلُّقاً، وللناس إليها تودُّداً وترقُّقاً؛ فللبليغ ينصتون، وإليه بأعناقهم يشرئبّون. حياتهم مليئة بسماع الكلام وقراءته، وتداوله وكتابته، وهم يوقنون ـ صغيرَهم والكبيرَ ـ أنّ للكلام قواعد وأسساً، وللبيان دعائم وطرقاً، فمن رُزِقها فقد رُزِق خيراً كثيراً! ومن هنا نشأ علم البلاغة العربية في تاريخنا، طالباً وصول المتكلمين إلى الذروة العليا من الإفصاح والإفهام والبيان، باحثاً عن كلّ ما يمتّ إلى تلك الغاية بسبب، مستنشقاً عبير البلاغة من أفواه البلغاء، وألسن الأدباء. وكان كتاب الله المعجز، ووحيه المخرِس إماماً لكل بليغ، ودستوراً لكل باحث عن هذا المطمح الرفيع، وهيهات أنْ يكشف معانيه مَن لا يعرف مغزى مبانيه! أدرك هذا علماء محقِّقون، وجهابذة مدقِّقون، فذاك الزمخشريّ يقول في مطلع ""كشافه"": ((إنّ أملأ العلوم بما يغمر القرائح، وأنهضَها بما يبهر الألباب القوارح، من غرائبَ نكت يلطف مسلكها، ومستودعات أسرار يدقّ سلكُها: علمُ التفسير الذي لا يتم لتعاطيه وإجالةِ النظر فيه كلُّ ذي علم، كما ذكر الجاحظ في كتاب ""نظم القرآن""؛ فالفقيهُ وإنْ برز على الأقران في علم الفتاوى والأحكام.