الملخص
ولا شك أنَّ من دلالات التفقه في الدين ولوازمه النظرَ بعين البصيرة إلى ما في النصوص الشرعية من كنوز وفوائد وحكم ومثلات تفتح لها أسارير القلوب وتقع منها موقع الشفاء لأدوائها وجوابًا كافيًا لتساؤلاتها , تمطر القلوب بوابل الاستقامة ، وتنعم بها الأمة المسلمة بالسيادة وتحقيق الوعد الإلهي بالقيادة . ولما كان من لوازم برنامج الحصول على درجة العالمية العالية ( الدكتوراه ) اختيار موضوع لرسالة الدكتوراه ، فقد وفقني الله سبحانه وتعالى لاختيار موضوع متصل بعظمة الرسالة ومعجزة الديانة ، منبثة فوائده ، ومتفرقة طرائفه بين ثنايا الأحاديث النبوية الشريفة ,لم أجد - على حد اطلاعي وبحثي - من كتب فيه فيما يخص موضوع الدعوة إلى الله , وقد عنونته باسم : "" المباحث الدعوية في أحاديث المستقبل المتعلقة بالدنيا من خلال الكتب الستة "" . والله أسال أن يمدني بالعون والتوفيق والهداية والتسديد إنه جواد كريم . تساؤلات البحث سوف يكون موضوع البحث في الإجابة عن السؤال التالي : ما الدروس الدعوية المستفادة من أخبار المستقبل الواردة في السنة المطهرة المتعلقةبأصول الدعوة وطرقها ؟ ويتفرع عن هذا السؤال التساؤلات التالية : 1.ما أهم الدروس الدعوية المستفادة من أحاديث المستقبل الواردة في السنة المطهرة المتعلقة بموضوع الدعوة إلى الله ؟ 2.ما أهم الدروس الدعوية المستفادة من أحاديث المستقبل الواردة في السنة المطهرة المتعلقة بوسائل الدعوة إلى الله وأساليبها ؟ 3.ما أهم الدروس الدعوية المستفادة من أحاديث المستقبل الواردة في السنة المطهرة المتعلقة بالدعاة والمدعوين ؟ 4.ما أهم ضوابط التعامل مع أحاديث المستقبل في السنة ؟ 5.ما أهم آثار فقه أحاديث المستقبل على مسار الدعوة إلى الله ؟ 6.كيف اعتنت السنة النبوية بخبر المستقبل ؟ أهداف البحث تتلخص فكرة البحث في محاولة استقراء نصوص السنة المطهرة المتعلقة بأحاديث المستقبل المتعلقة بالدعوة إلى الله ، واستنباط الدروس والقواعد الدعوية منها . ساعيًا من خلال ذلك إلى تحقيق عدد من الأهداف من أهمها : •بيان منهج أهل السنة والجماعة وضوابطهم في التعامل مع أحاديث المستقبل وتفسير الأحداث والأخبار تفسيراً صحيحاً بعيداً عن التأويلات الخاطئة . •الإفادة من الأحاديث المستقبلية الواردة في السنة المتعلقة بأسس الدعوة و مناهجها ووسائلها وانتشارها . •استنباط الدروس الدعوية لأحاديث المستقبل في السنة النبوية المطهرة . •استثمار النبوءات النبوية في الوقائع الغيبية التي تحققت في الدعوة إلى الله . •الرد على أهم شبهات العابثين بأخبار المستقبل . أهمية البحث جاء ذكر خبر المستقبل في القرآن الكريم و السنة المطهرة في مواطنَ عديدة ، وقد أشارت تلك النصوص المباركة إلى أحداث مستقبلية قد وقعت في عهد النبي ، وأخبار وقعت بعد وفاته عليه الصلاة والسلام ، وأخبار ستقع آخر الزمان ، وأخبار ستقع يوم القيامة . وإذا كانت النصوص المطهرة قد أشارت بوضوح وجلاء إلى أهمية التثبت في نقل الأخبار وتداولها وإشاعتها , فإن الفهم الصحيح للثابت من خبر المستقبل المعتمد على الصحيح من المصادر يجنب المسلم كثيرًا من الزلل ، ويحفظه من الانزلاق في أفهام خاطئة لتلك الأخبار , وهذا أحد الأسباب المهمة التي دعت الباحث لاختيار هذا الموضوع . إن ما وقع فيه البعض من إنكار لبعض أخبار المستقبل الثابتة في السنة المطهرة أو تأويل تلك الأخبار تأويلاتٍ فاسدةٍ أو الاعتماد على الكهانة والرجم بالغيب أو ضروب الأعداد الحسابية أو الركون إلى مَهْيع الغلاة وطرائق أهل الأهواء والبدع في تفسيرها ما هو إلا نتيجة للابتعاد عن منهج أهل السنة والجماعة في فهم أخبار المستقبل وتفسيرها في السنة المطهرة . تبرز أهمية البحث كذلك في أن الوقوف على أساليب السنة المطهرة في عرضها لأخبار المستقبل ومعرفة مقاصدها , يعين الداعية إلى الله على وجه الخصوص والمسلم على وجه العموم على إنزال تلك النصوص منازلها الصحيحة والتي تضم زادًا وافيًا من الحكم الكريمة والدروس البليغة التي تأتي على مفردات الدعوة جميعًا بالبصيرة ، وتلقي في رُوع الداعية السكينة ، وتبشره بأن النصر حليفه . وليست أحاديث المستقبل المتعلقة بالدنيا الواردة في السنة المطهرة في الكتب الستة منحصرة في الفتن الكبرى وأشراط الساعة , كما يتبادر للوهلة الأولى ، بل شملت أخبارًا وأحاديث كثيرة تتعلق بحوادث وقعت في المجتمع المسلم في زمن النبي ، وأخبارًا تتعلق بأشخاص معينين كبشارته للصديق والفاروق رضي الله عنهما بالجنة ، وبشارته لذي النورين عثمان بالجنة على بلوى تصيبه . وبشارات أخرى كثيرة لعدد من الصحابة والصحابيات جميعًا . وقد حدث أن أخبر النبي أصحابه بأنهم سيدخلون البيت الحرام ويطوفون به بعد أن تعلقت قلوبهم به بعد طول غياب وحرمان منه بسبب كفار قريش ، وذلك بعد رؤيا رآها المصطفى وقد شق على بعض الصحابة رجوعهم من الحديبية ولما يدخلوا البيت الحرام فأخبرهم النبي بأنهم سيأتونه ويطوفون به .( )