أحكام الضمان الاجتماعي دراسة تأصيلية وتطبيقية /
مؤلف
أبا الخيل، عبد الله محمد،
الملخص
فقد أنعم الله سبحانه على أمة الإسلام وأتم عليها نعمه بأن جعل رسولها خاتم الرسل وشريعتها خاتمة الشرائع ، وقد أقام المسلمون دولتهم على أساس متين من العلم والإيمان ، في ظل الشريعة الكاملة التي تتمتع إلى جانب كمالها بالشمول والمرونة ، وإن من أهم ما عنيت به الشريعة في هذا المجال تحقيق كفاية العاجزين والمحتاجين في المجتمع المسلم . حيث يقتضي النظام الإسلامي في هذا المجال – إذا كان الفرد محتاجاً وعاجزاً عن الاكتساب – وقوع المسؤولية الكاملة لضمان العيش والحياة بشكل لائق على المجتمع ، وذلك عبر وسائل مختلفة تقوم بها الدولة ، والنظام المعني بهذا الأمر هو نظام النظام الاجتماعي بالاصطلاح الحديث ، وبناءً على ذلك ولأهمية هذا الموضوع الظاهرة فقد جاء اختياري لموضوع ( أحكام الضمان الاجتماعي دراسة تأصيلية وتطبيقية ) ، ليكون مجالاً للدراسة والبحث في مرحلة الدكتوراه ، وتتجلى أهمية الموضوع فيما يلي : أولاً : أن الضمان الاجتماعي إذا طبق بشكل سليم يعمل على تحقيق المقاصد الشرعية وحماية الضرورات الخمس وتحرير الإنسان من قيود الحاجة والعوز. ثانياً : أن نظام الضمان الاجتماعي يعبر عن وجود قدر مرض من العدل الاجتماعي الذي يمثل غاية لجميع الأمم التي تتطلع إلى الاستمرار في ظل أوضاع مستقرة إذ بدون هذا العدل ينهار البناء الاجتماعي للدولة مما يؤدي إلى ضعفها . ثالثاً : من المعلوم ضرورة أن العجز والفقر موجودان في كل مجتمع وفي كل زمان ومكان لذا كان لزاماً على الأمم في سعيها نحو الرقي والتقدم أن تهتم برعاية الفئات المحتاجة والعاجزة ، وإلا فإنها ستعوق تقدمها ، ورقيها بل قد توقفه. رابعاً : الضمان الاجتماعي هو ضمان اقتصادي في المقام الأول لجميع أفراد الأمة وكافة فئاتها ، فغنى اليوم قد يكون فقيراً في الغد وصحيح الجسم قد يؤول حاله إلى المرض والعجز . وبالتالي فإن علاقة الضمان الاجتماعي بجميع أفراد المجتمع أمر غني عن البيان . خامساً : مما يزيد الموضوع أهمية في العصر الحاضر سيطرة الاتجاه المادي الرأسمالي على الأنظمة الاقتصادية في أغلب دول العالم إن لم يكن جميعها حيث يؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على الأنظمة الاجتماعية والترابط الاجتماعي وذلك بتكوين اتجاه مادي يحكم هذه العلاقات الاجتماعية ، وفي ظل وجود هذا الاتجاه وتزايده في الوقت الحاضر كان لابد من قيام أنظمة موازية تحفظ توازن المجتمع وانسجامه ، وتسير جنباً إلى جنب مع النظام الاقتصادي السائد فتضمن له الحماية والاستمرار حيث يعالج الضمان الاجتماعي من هذه الزاوية مشكلة البطالة في المجتمعات التي يسود فيها نظام الاقتصاد الحر . سادساً : ومما يبين الأهمية البالغة لهذا الموضوع اهتمام جميع الدول به مما أدى إلى النص عليه في المواثيق الدولية حيث أكد الميثاق الأطلــسي لعام 1941م على أهمية تحقيق الضمان الاجتماعي لجميع الأفراد ثم أتى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948م ليؤكد حق الأفراد في الضمان الاجتماعي ، ولقد سبقتهم شريعتنا الإسلامية الغراء في إقرار هذا الضمان بقرون عديدة .