الملخص
لقد اجتمعت عدّة أسباب دفعتني للكتابة في هذا الموضوع وتناوله بالدراسة, ومن أهم تلك الأسباب: أوّلاً: أنّ هذه الدراسة تتعلّق بعلم من أعلام المسلمين وهو العلاّمة السفاريني : قال عنه الزبيدي: ""كان ناصراً للسنّة قامعاً للبدعة, قوّالاً بالحقّ مقبلاً على شأنه ملازماً على شأنه ملازماً لنشر علوم الحديث""( ). وقال ابن حميد المكي عنه: ""كان إماماً متقناً, جليل القدر, وكان حسن التقرير والتحرير, لطيف الإشارة بليغ العبارة, حسن الجمع والتأليف, لطيف الترتيب والترصيف, زينة أهل عصره, ونقاوة أهل مصره, صوّاما قواما, وكان متين الديانة, لا تأخذه في الله لومة لائم, محباً للسلف وآثارهم, بحيث أنه إذا ذكروا عنده لم يملك عينيه من البكاء""( ). ثانياً: الحرص على تأصيل الأصول الدعوية من كتب السلف رضوان الله عليهم وآثارهم وسيرهم, ولذا فبيان الجوانب الدعوية عند هذا الإمام من كتبه التي تابع فيها آراء العلماء الربانيين كشيخ الإسلام ابن تيمية, وتلميذه ابن القيم رحمهما الله, وغيرهم من العلماء المتمسكين بهدي الكتاب والسنّة, في رسالة علمية ستشارك بعون الله جل وعلا في زيادة تأصيل هذا العلم المبارك. ثالثاً: كثرة الجوانب الدعوية في كتب الشيخ السفاريني وتأصيله لها من الكتاب والسنّة. رابعاً: كون هذا الإمام من أئمة أهل السنّة والجماعة بفلسطين ردّها الله, حيث إنّه كان مقتفيا هدي النبي ث في تعليم الناس وبيان الحديث الصحيح لهم وربط الناس بالأصلين العظيمين, الكتاب والسنّة ومما يدلّ على ذلك, قوله : في كتابه اللوامع: ""فأهل الإيمان إذا تنازعوا في شيء من القرآن, ردوه إلى الله ورسوله كما رتّب عليه الإيمان, فكل ما تنازع فيه المؤمنون من مسائل الدين دقّه وجلّه جليّه وخفيّه ردوه إليهما, وقد أجمع الناس على أنّ الرد إلى الله هو الردّ إلى كتابه, والرد إلى الرسول ث هو الرد إليه نفسه في حياته وإلى سنته ث بعد وفاته, وقد جعل الله هذا الرد من موجبات الإيمان ولوازمه ( ). خامساً: كون السفاريني : تعالى ممن ألّف في العقيدة الصحيحة وقرر لها بناءًا على مذهب أهل السنّة والجماعة, فقد كان : وثيق الصلة بعلماء الدعوة السلفية المباركة في هذه البلاد المباركة, ومن أبرزهم, إمام الدعوة السلفية الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب :, حيث ورد على الإمام السفاريني :, رسالة من الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه أرفق فيها -كتاب التوحيد- ملتمساً من الإمام السفاريني الاطلاع وإبداء ما يلزم( ), وقد أشار الإمام السفاريني : ذلك بقوله: ""فيقول العبد الفقير إلى مولاه العلي, محمد ابن الحاج أحمد السفاريني الأثري الحنبلي, قد كان في سنة ثلاث وسبعين بعد المائة وألّف طلب مني بعض أصحابنا النجديين, أن أنظم أمهات مسائل اعتقادات أهل الأثر في سلك سهل لطيف معتبر...""( ). سادساً: أنّه ممن قد استفاد من علمه خلق كثير, وجاءت كتبه بنفع عظيم وقبول بين الناس, قال ابن سلوم:""تخرج به وانتفع خلق كثير من النجديين والشاميين وغيرهم.....وقال: وبالجملة فتآليفه نافعة ومفيدة مقبولة سارت بها الركبان وانتشرت في البلدان""( ). سابعاً: من الأمور التي دفعتني للكتابة عن الإمام السفاريني :, أنّه لم يتمّ دراسة شخصيته دراسة دعوية بحتة, فأحببت أن أكمّل هذه الحلقة الطيّبة بالحديث عن دعوته, فقد تمّ الكتابة عنه في جانب العقيدة والتربية, وتحقيق بعض كتبه, لكن لم يكن للدعوة حظ من ضمن هذه الدراسات.