تحرير محل النزاع في المسائل الخلافية المتعلقة بالقياس جمعا ودراسة /
الملخص
إن الشـريعة الإسـلامية التي تسـتوعب بتعاليمها جميع مناحي الحياة، تستمد شـموليتها وعمومها من نصوص هذه الشـريعة، وهذه النصـوص محدودة في ألفاظها ومبناها، ولكنها أوسـع وأشـمل في محتواها ومعناها، الأمر الذي مكَّن علماء المسلمين من استنباط قواعد من هذه النصوص التي ما فتئت تساير أحداث العالم في كل صغير وكبير، ولن تزال ـ بإذن الله ـ هكذا، ومن أشـهر هذه القـواعد المرنة قاعدة القياس، التي يمكن القول بحق أنها جسـر الاجتهاد المتين التي تربط بين النصوص والوقائع . ولمَّا كان القياس بهذه المنزلة فقد برزت في موضوعه مسائل كثيرة جداً، وما كان ذلك إلا نتيجة الاستنباط التي أثمرتها جهود أولئك الجهابذة الذين نذروا حياتهم في تفهُّم معاني هذه النصوص واستخراج أحكام الوقائع منها؛ طلباً للأجر الذي وُعد به المجتهدون، فاحتاج الأمر إلى وضع ضوابط تجمع شتات هذا التشعب ، وتُيسِّر على الدارس معرفة المآخذ ، فكان تحرير محل النزاع أحد وسائل هذا الضبط . فتحرير محل النزاع يُخرج من النزاع في أية مسألة ما ليس منها، ويستدعي إدخال ما ظُنَّ أنه كان خارجاً عنها، والواقع أنه داخل فيها ، وهو بهذا يقلل الخلاف في المسألة ويحصره في نطاقه فقط دون ما سواه . كما أن تحرير محل النزاع يفتح الأذهان للنظر في الثمرة المترتبة على النزاع ليعرف ما إذا كان لهذا النزاع عمل يرجى أو هو خلاف لفظي يهون الأمر فيه. كما أن تحرير محل النزاع يُبعد العلماء عن النزاع فيما لا فائدة علمية فيه حتى يصرفوا جهدهم إلى ما يفيد . وهو موضوع لا أعلم أنه خدم أو أعدت دراسة معينة فيه . كل هذا دعاني إلى اختيار هذا الموضوع للتسجيل فيه في هذه المرحلة .