الملخص
كشفت هذه الدراسة أنَّ ما دعت الحاجة إليه من إنشاء البيمارستانات هو ما مُنِيََ به ذلك العصر من انتشار للكوارث والأوبئة والأمراض حيث تركت تلك الأمور أثرًا بالغًا في الحالة الصحية في البلاد المملوكية, وبالتالي كان للبيمارستانات أثرها الواضح في مواجهة تلك الأوبئة والأمراض المنتشرة آنذاك. ثانيًا: عرضت الدراسة إلى حالة الانتعاش الاقتصادي الذي مرَّ به العصر المملوكي مما أدى إلى حرص السلاطين والأمراء على إنشاء تلك البيمارستانات لتخليد ذكرهم وبقاء هذه المنشآت شاهدًا حيًا لأعمالهم. ثالثًا: أبانت الدراسة ما قامت به الأوقاف من دور كبير حيث عملت على دعم البيمارستانات, وبالتالي أدى ذلك إلى استمرارها في أداء وظيفتها حيث رصدت الدراسة اهتمام السلاطين المماليك والأمراء بالبر والخيرات وطلب المثوبة من الله وخصوصًا فيما يتعلق بضعاف الناس, فأنشأوا تلك البيمارستانات, وأوقفوا الأوقاف الدارَّة عليها مما يعود ذلك على المجتمع المملوكي كافة بالخير. رابعًا: ما اتُّبِع من اشتراطات بيئية وفنية في إنشاء البيمارستانات في ذلك العصر, وهذا دليل على عظمة العمارة الإسلامية والتي لا تزال آثارها تتحدث عن نفسها ممثلة في تلك البيمارستانات وغيرها من المنشآت المعمارية، وما بقي من هذه البيمارستانات يؤكّد عظمة البناء وجمال التصميم. خامسًا: أمكن من خلال هذه الدراسة الكشف عن أنواع البيمارستانات سواء الثابت منها, أو المتنقل, أو غيرها مما شهده ذلك العصر وكان لكلٍّ منها أثره المنشود بما يقوم به كل نوع من دور لخدمة المرضى. سادسًا: توصلت الدراسة إلى رصد موسّع لأعظم البيمارستانات في الدولة المملوكية كالبيمارستان النوري والمنصوري والأرغوني والمؤيدي والقيمري وغيرهما, بما حوته من أقسام, ودراسة لتطور أوضاعها. سابعًا: تحدَّثت الدراسة عن تلك الأقسام الفرعية داخل البيمارستان الواحد, وما قامت به تلك الأقسام من أثر علاجي وتعليمي ملموس بالإضافة إلى ما حوته البيمارستانات من مرافق تموينية وخدمية. ثامنًا: أمكن من خلال الدراسة الكشف عن أنواع الأدوية والعلاجات التي حوتها بيمارستانات ذلك العصر, وطريقة تحضيرها, وجودة أنواعها حيث قسَّم الأطباء الأدوية إلى مفرد ومركب, وما يمتاز به كل نوع حيث تتم عملية تحضير الأدوية والعلاجات داخل البيمارستانات. كما أوضحت الدراسة أنَّ هذه الأدوية مثلها مثل الخدمات الأخرى داخل البيمارستانات كانت تصرف لجميع المرضى بالمجان سواء من هم داخل البيمارستانات أم خارجه. تاسعًا: الكشف على ما تمَّ داخل بيمارستانات ذلك العصر من تنظيمات إدارية ومالية كان لها أثرها الواضح في أداء هذه البيمارستانات لأدوارها المنوطة بها, وقد حددت أوقاف البيمارستانات في ذلك العصر وظائف العاملين بها، وتنوعت هذه الوظائف حسب حاجة البيمارستان وأقسامه، وكانت المسؤوليات داخل البيمارستانات محدَّدة وواضحة لكلِّ عاملٍ فيها، مما يؤكّد أنَّ واقفي تلك البيمارستانات كانوا جادين في تحقيق الأهداف الصحية المنشودة، وتوفير الخدمات والرعاية للمرضى. عاشرًا: أبانت الدراسة الأثر العلاجي للبيمارستانات ومتابعة أحوال المرضى الصحية والعناية بهم, والاهتمام بأحوالهم الصحية سواء داخل البيمارستانات أم خارجها, ولقد كانت الوصفات العلاجية التي يصفها أطباء ذلك العصر حالهم حال أطباء المسلمين في كثيرٍ من تلك العصور تعتمد على الأعشاب والنباتات المتوافرة في بيئاتهم حيث تمَّ التعرف على كثيرٍ من النباتات التي تستخدم في وصفات العلاج أو تركيب الدواء.