الملخص
فقد اتسم عصرنا الحاضر بالتقدم في كل الجوانب الصناعية والاقتصادية والعسكرية والتجارية والثقافية، وكذلك بالتقدم والتطور في الحقوق والملكية والمعاملات بشكل كبير، فظهرت بفضل الله تعالى ثم بفضل التقدم التقني أنواع كثيرة من الحقوق لم تكن موجودة في السابق، وذلك مثل حقوق الابتكار، والاسم التجاري والصناعي, والعلامة التجارية, والسمعة التجارية, ونحو ذلك، التي لا يقف تقديرها عند حد. ومن هذه الحقوق الجديدة ( حق الامتياز )، وهو مصطلح لم يُعرف عند الفقهاء القدامى، ولم يعهد لهم استعمال لهذه الكلمة بغير المدلول اللغوي، وإنما ظهر حديثاً، وتنامى بشكل واسع؛ لحاجة الناس إليه بسبب تشعب الحياة الاقتصادية والاجتماعية. وقد وقع اختياري - بعد النظر الطويل, والتأمل المستمر- على موضوع ( الامتياز في المعاملات المالية وأحكامه في الفقه الإسلامي ), لتسجيله موضوعاً لمرحلة الدكتوراه. أسأل الله تعالى أن يكون موضوعاً جديراً بالقبول والدراسة, حيث يرى المطلع على أحوال الناس هذه الأيام شيوع ظاهرة الامتيازات في مجالات كثيرة, منها: - الامتيازات في الديون. - الامتيازات في إنتاج السلع والخدمات. -الامتيازات في الأراضي الممنوحة على الطرق. -امتياز الحملات بمواقع النسل في عرفة ومزدلفة ومنى وغيرها. -الامتيازات في إعلانات الطرق. -الامتيازات في العقود كعقود التوريد والتعدين والتنقيب عن النفط. -الأسهم الممتازة. -بطاقات الامتياز. -عقود امتياز المرافق العامة. ونحو ذلك من الامتيازات الكثيرة. أهمية الموضوع : تتبين أهمية هذا الموضوع في نواحي عديدة ، منها : 1-إن هذا الموضوع يكتب في وقت برزت فيه ظاهرة الامتيازات ، سواءً فيما يتعلق بالعقود أم الديون أم المنافع . 2-كما أن بحث هذا الموضوع يسد –بإذن الله – ثغرة في صرح فقهنا الإسلامي ، تمس الحاجة إلى سدها ، مما يؤكد شمولية هذا الدين في الحكم والتشريع . 3-كما تتبين أهمية هذا البحث في معرفة الحقوق والواجبات والحدود لكل من كان له تعلق بهذا الموضوع عند الحاجة والاقتضاء ، من بيان ما يجوز فيه الامتياز ومالا يجوز فيه ، ومن هو الشخص المخول لمنح الامتياز ، ومدى المصلحة التي يحققها هذا الامتياز للمسلمين ، ونحو ذلك . وعندما يتحدث أي متحدث عن أهمية البحث في موضوع الامتياز، فإنه لابد أن يلفت النظر إلى العناية التي أبداها دعاة القانون الوضعي بهذا الموضوع, لكنهم أرسوا البحث فيه في مواطن منه على قواعد الجاهلية, لا الشريعة الربانية. وأمام ذلك لا يسع المتخصصين في علم الفقه الإسلامي إلا متابعة البحث في أحكام الامتياز فيما يتعلق بإنشائه أو انقضائه أو أحكامه ، ومتابعة ما يستحدثه الناس في هذا الباب قبل استفحاله, مع الوصول إلى نتائج مرضية بطريقة سهلة ميسرة, تعين الطالبين للحق الوصول إليه . أسباب اختيار الموضوع : لقد دعتني أسباب عدة لطرق هذا الموضوع ، أهمها ما يأتي : 1-الإسهام في تجلية أحكام هذا الموضوع؛ إذ أن أحكامه متفرقة في عدة أبواب وفنون, فجمع هذه الأحكام، ولَمُّ شتاتها, في بحث مستقل ييسر على الباحث والقارئ الرجوع إليها في وقت يسير, ويجعلها دانية القطوف, مذللة الصعاب, منتظمة في سلك واحد. 2-مع مسيس الحاجة لبحث هذا الموضوع, فلم أجد- في حد علمي واطلاعي القاصرين – بحثاً مستقلاً متكاملاً طرق جميع جزئيات هذا البحث من وجهة النظر الشرعي, بل وجدت مباحثه مبثوثة ومنتشرة في بطون الكتب أوفي الواقع العملي عند كثير من الناس, مما يحتاج الأمر فيه إلى جمع صور ما هو منتشر, وبيان الحكم الشرعي فيه . 3-إن التجار وأصحاب المعاملات المالية إذا لم تتوافر لهم الدراسات والبحوث الشرعية المتعلقة بهذا الموضوع وأمثاله, مما يحتاجون إليه, فإنهم سيلجؤون إلى القوانين والوضعية, والنظريات الغربية, والأعراف الاجتماعية, طلباً للخروج من المشكلات التي يعانون منها. لذا فهو يحتاج إلى مزيد عناية وتأصيل, يستفيد منه كلٌّ من الباحث والقارئ والتاجر. أهداف الموضوع : تهدف هذه الدراسة الوصول إلى الأمور الآتية: 1- الاطلاع الواسع والإثراء العلمي في الدراسات الفقهية للقضايا المعاصرة المستجدة في ضوء الشريعة الإسلامية . 2-معرفة أحكام الشريعة الإسلامية في موضوعات ومسائل الامتياز . 3-تنقية مسائل الامتياز وجزئياته من كل ما يخالف أحكام الشريعة الإسلامية الغراء, واقتراح البدائل الشرعية المناسبة . 4-تزويد المكتبات العامة والخاصة والدوائر الحكومية والمصارف الإسلامية والشركات التجارية، بمؤلفٍ خاص يكون في متناول أيدي المعنيين بالدراسات والبحوث، و يفيد في مناقشة المستجدات في الساحة وعلاجها.