المخالفات العقدية لمنهج أهل السنة عند أبي حيان الأندلسي من خلال تفسيره ( البحر المحيط ) عرض ونقد /
مؤلف
العامر، عبد الله بن محمد بن علي،
الملخص
لعله من خلال العرض السابق يتبين مدى أهمية القيام بهذه الدراسة العقدية النقدية لهذا الكتاب، وذلك : 1 ـ لتصحيح مسائل الاعتقاد التي عرضت وقررت على غير الوجه الحق الذي كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان، ولتبيين الدين الحق الواجب اعتقاده والعمل به . 2 ـ كل الفرق ـ ومنهم الأشاعرة ـ يدَّعُون اتباع الكتاب والسنة في مسائل الدين العلمية والعملية، والقيام بهذه الدراسة وعرض المسائل العقدية التي بحثت في هذا التفسير على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة يتبين من خلالها مدى مطابقة هذه الدعوى للواقع وصدقها. 3 ـ جاء في حديث تميم الداري( ) أن النبي قال: ( الدين النصيحة قلنا لمن ؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم( )، ومن النصيحة لكتاب الله وسنة رسوله الدفاع عنهما، ورد الشبهات الواردة عليهما، وتخليصهما من تحريفات الجاهلين وتأويلات المبطلين، ومن النصيحة لعموم المسلمين تبيين الحق لهم ليمتثلوه، والباطل ليجتنبوه، وعسى أن تكون هذه الدراسة تحقق هذه المطالب . 4 ـ أمر الله ورسوله بالاجتماع على الحق، وحذرا من الافتراق والتفرق على الكتاب والسنة، وذكر العلماء أنه من حين خالف أهل الأهواء والبدع الكتاب والسنة حصل الافتراق في الأمة . والدعوة إلى اجتماع الكلمة على الوحيين في مسائل الدين ـ وخصوصاً مسائل العقيدة ـ من أفضل الأعمال، فهذه الدراسة أرجو أن تكون محاولة في دعوة من يسير على غير منهج السلف الصالح إلى الرجوع إلى مصدري الاجتماع والنجاة، وهما الكتاب والسنة، وفهمهما على مراد الله ورسوله، ولعل الله أن يجمع كلمة المسلمين على الحق والهدى . أسباب اختيار الموضوع : يمكن إجمال أسباب اختيار الموضوع في النقاط التالية : 1 ـ من الأسباب التي دفعتني لسلوك هذا المنهج من الدراسة هو وجود الترابط بين تفسير القرآن وصحة الاعتقاد، فالمراد بالتفسير هو بيان مراد الله بكلامه، وإذا كان المفسر على غير اعتقاد سلف الأمة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، فإنه سينحرف في الغالب في آيات الاعتقاد ؛ إذ سيفسر كلام الله على غير مراده، وهذا تحريف لكتاب الله لا تفسير، وكذلك العكس، فإن من خاض في التفسير من غير إلمام بلاعتقاد الصحيح، ولا معرفة بأقوال السلف فإنه ربما ضل في أبواب العقيدة، واعتقد في الله وأسمائه وصفاته، وأحكامه العلمية ماليس بحق . ولما كان الترابط بين هذين العلمين بهذه المكانة اخترت القيام بهذه الدراسة على كتاب من كتب التفسير التي كان لاعتقاد مؤلفه أثر في مجانبة الصواب في عدد من نصوص الاعتقاد. 2 ـ ومن الأسباب ـ أيضاً ـ منزلة أبي حيان الأندلسي وتفسيره عند العلماء وطلبة العلم، خاصة أهل التفسير، وعلوم العربية . فأبوحيان يعد من العلماء الأفاضل الذين خدموا كتاب الله في جانبي التفسير واللغة العربية، لكن بسبب اعتماده على بعض كتب العقائد والتفاسير المصنفة على غير منهج السلف وقعت منه هفوات كثيرة وزلات كبيرة في مواضع عدة من نصوص الاعتقاد، وقد سبق بيان شيء من ذلك . 3 ـ ومن الأسباب : أن أباحيان من العلماء المبرزين في علوم العربية، وظهرت براعته وإمامته حين جلى أوجه البلاغة في القرآن وإعراب آياته في تفسيره (البحر المحيط)، فكان لتفسيره مكانة عالية عند أهل اللغة العربية . والغالب على المتخصصين في علوم العربية ـ خصوصاً في العصور المتأخرة، وخارج هذا البلد ـ أنهم قليلي البضاعة في معرفة معتقد السلف فضلاً عن مخالفيه، لا سيما وأن أبا حيان في بعض الأحيان يعرب كلمةً إعراباً يوافق معتقده، فكثيراً ـ مثلاً ـ ما يجعل كلمة (عند) مضافة إلى لفظ الجلالة ليست للمكانية إلا تجوزاً لأن الله بزعمه منـزه عن المكان