الملخص
فقد زخرت مكتبتنا العربية بطائفة قيمة من الكنوز النفيسة ، ومن أهمِّ تلك الكنوز كتاب (سرّ صناعة الإعراب) ، لأبي الفتح عثمان بن جني ، إمام اللغة ، وصاحب النضال الحقيقي في ميدانها ، وصاحب المتون العديدة والأسفار النفيسة ، فهو لها حرفها الذي لن يزول بعد أن خطته يداه ، وهو المعلم الذي مهّد لتلامذته درباً شائكاً ، فحمل لواء البحث والتحقيق والموضوعية في جوّ كان يعبق بأريج العِلْم ، ويزخر بالأئمة من الأعلام ، وقد ورَّث لنا إمام العربية الفذ تراثاً خالداً .. لم ننسَ قبله كيف ارتمت حزم التساؤلات فوق شفاهنا .. فأزال الغمة ، وأزاح ستار ما أشكل .. فهو - بحقّ - فيصل النكتة العلمية ... ويُعدّ كتاب (سرّ صناعة الإعراب) من أهمّ آثار عالمنا الجليل ؛ إذ يكشف عبقريته في مجال الدراسات الصرفية والصوتية ، فهو - بحقّ - كنز نفيس لا يستغني عنه دارس في مجال التصريف أو الصوتيات ، ولم يكتفِ فيه بجمع آراء سابقيه - الخليل بن أحمد ، وسيبويه ، والفارسي ، والمازني ... - ، وإنما كانت له إضافات وتوضيحات وشروح بهرَتْ اللغويين سابقيهم ومحدثيهم . ومن تلك الجهود الواضحة : ابتداعه تقسيماً جديداً للحروف لم يسبقه إليه أحد آنذاك ، وهو تصنيفه للحرف من حيث الزيادة والأصل والبدل . وهو بهذا يُعدّ واضع اللبنة الأولى لفرع جديد في علم الأصوات ، وهو علم (وظائف الأصوات) .