الملخص
ملخص الرسالة هذه الرسالة ، لتكون إسهاما متواضعاً في واحدٍ من أهم العلوم والمعارف اللغوية قديماً وحديثاً وهو علم الأصوات ، ولتكشف لنا عن جهود علم من أعلام الفكر اللغوي وهو أبو سعيد السيرافي . ويهدف هذا البحث إلى الربط بين الدراسات الصوتية العربية القديمة ممثلة في جهود السيرافي الصوتية ، من خلال شرحه لكتاب سيبويه ، وبين الدراسات الصوتية العربية الحديثة، بما تحمله من تصورات وتأثر بالنظريات الغربية، في حقل الدراسات الصوتية الحديثة ،آملين أن تسهم هذه الدراسة في تعزيز صلة بحوثنا الصوتية الحديثة بما سطره علماؤنا الأوائل في هذا الميدان من دراسات أصيلة ، فآراء السيرافي وغيره من اللغويين العرب القدماء كانت بمثابة الجذور العميقة والمنطلق الحقيقي لكثير من الدراسات اللغوية الحديثة، في علم الأصوات وغيره من مجالات البحث اللغوي ، إلا أن الكثير من أبناء العرب بعدت عليهم الشقة ، وأخذتهم حمى التبعية ،والانبهار بالحضارة المادية ، عن النظر في أصول الفكر العربي، فبقي كثير من الدراسات العربية مغموراً عن الباحثين العرب ، في حين لقيت الدراسات الحديثة رواجاً في الغرب والشرق ، دون أن يكشف عن جذورها الحقيقية التي كان للفكر العربي فيها إسهامٌ واضحٌ. وتعد دراسة الأصوات أول خطوة في أية دراسة لغوية عند علماء اللغة المحدثين ؛ لأنها تتناول الصوت باعتباره المادة الخام للكلام الإنساني(1) ومن هنا جاءت أهمية دراسة جهود السيرافي الصوتية، وفق منهج البحث الصوتي الحديث ، بما يتلاءم وطبيعة هذا البحث ، وقد اخترت لهذه الدراسة المنهج الوصفي والتفسيري فوقفت على الظواهر الصوتية التي تناولها السيرافي في دراساته العلمية ومن أهمها شرح كتاب سيبويه ، وفق منهج علمي يدرس طبيعة الظاهرة الصوتية عند السيرافي، وما أورده في ذلك من آراء صوتية نيرة ، ثم يوازن بينها وبين ما وصلت إليه الدراسات الصوتية الحديثة ، دون الخروج عما تناوله السيرافي من الظواهر الصوتية إلا ما اقتضته طبيعة البحث. وقد كان اختياري لهذا الموضع استجابة لما قرأته من آراء السيرافي في مؤلفات وأبحاث كثير من العلماء ، وما وجدته من توافق بين تلك الآراء وما نادت به الدراسات الصوتية الحديثة ، وعزز ذلك الأسباب التالية : 1- أن أبا سعيد السيرافي لم يحظ بالاهتمام الكافي من الدراسات اللغوية الحديثة ، رغم مكانته العلمية البارزة ، وتعدد جوانب شخصيته العلمية، وما قيل عن شرحه لكتاب سيبويه أنه من أوفى وأكمل الشروح . 2- أن كتاب سيبويه كان المنطلق الأول ، لعلوم العربية، وجدير بالدراسات اللغوية الحديثة ، أن تقف على شرح السيرافي له ، ليتسنى للباحثين معرفة أصول تراثهم وربط ماضيهم بحاضرهم. 3- أن كثيراً من آراء علماء الدراسات الصوتية الحديثة تبدو جديدةً لبعض الباحثين ، لعدم عنايتهم بتراث العربية وما سطره علماؤها في هذا الحقل العلمي . 4- أن منهج أبي سعيد في الدراسات اللغوية غير واضح المعالم، ربما لأن تلك الآراء بقيت حبيسة المخطوطات لم تر النور حتى الآن ، أو أنها تفرقت في كتب العلماء ولم تجمع.