الحاجة وأثرها في الأحكام دراسة نظرية تطبيقية/
مؤلف
الرشيد، أحمد بن عبد الرحمن بن ناصر
الملخص
أهمية الموضوع : عند تأمل كلام أهل العلم يتضح أنهم كانوا يكثرون من ذكر الحاجة، والاعتماد عليها، والحكم بمقتضاها، والاستدلال بها على الأحكام، وهذا يدل على أهميتها وعلو مكانتها، الأمر الذي يستدعي الاهتمام بها والعناية بدراستها، تأصيلاً وتطبيقاً، لاسيما وأنهم مع اهتمامهم بها لم يقفوا في موضعٍ معين من كتبهم ليبينوا حقيقتها ومعناها، أو ليتكلموا عن شروطها وضوابطها، أو ليقرِّروا قواعدها وأصولها، مع أن ذلك متقررٌ في أذهانهم متأصلٌ في نفوسهم، ولذا فإن من المهمِّ جداً واللازم حقاً بيان الحاجة وما يتعلق بها بياناً واضحاً جلياً، وذلك من خلال النظر فيما ألفوه وكتبوه، والتأمُّل فيما أمْلَوه وسطروه؛ حتى تتبين الحاجة من غيرها، ونتعرَّف على شروطها وضوابطها، ونستطيع تطبيق قواعدها وأصولها. ثانياً: كثيراً ما يحصل التشابه بين الحاجة وغيرها من المصطلحات القريبة منها، لاسيما الضرورة، ويؤيد هذا ما شاع على ألسنة العلماء من التعبير بأحدهما عن الآخر، وإطلاقهم لقاعدة تنزيل الحاجة منزلة الضرورة، مع أن الحاجة ليست كالضرورة وإن كانت مشاركةً لها في شيءٍ من أحكامها، وإذا كان الأمر كذلك فإنه لا بدَّ من بيان العلاقة القائمة بين الحاجة والضرورة؛ ليعطى كلٌ منهما ما يتعلق به من أحكام، وما يختص به من آثار. ثالثاً: أن العلماء يفرِّقون بين الحاجات ويمايزون بينها، حيث يشترطون لبعضها ما لا يشترطون لبعضها الآخر، وأحياناً يكتفون بأصلها وأحياناً يشترطون شدَّتها وتأكُّدها، وتارةً يطلقونها وأخرى يقيدونها ببعض الأوصاف، وهذا يدل على أن الحاجات ليست على مستوىً واحدٍ، وإنما منها المتأكِّد ومنها غير المتأكِّد، ومنها الثابت ومنها المتجدد، ومنها الأصلي ومنها الزائد