الملخص
فإنَّ دِرَاسَةَ الآدَابِ القَدِيْمَة, تُجَلِّي للبَاحِثِ أَطْوَارَ الأَدَب, وأَحْوَالَ مُبْدِعِيه, وتَجَارِبَهُمُ الإنْسَانِيَّة, وفِكْرَهُمُ الْخَلاَّق, وإحْسَاسَهُمُ الْمُرْهَف, ولَمْ تَزَلِ العَرَبُ- قَدِيْماً وحديثاً- تَحْتَفِي بالأَدَب, وتَتَدَارَسُ فُنُوْنَه, وتَتَدَبَّرُ نُصُوْصَه, وتَأْتَمُّ بِقِيَمِه, وتَحْتَذِي مَسَالِكَه, وتَتَذَوَّقُ جَمَالِيَّاتِه. وقد غَبَرَتْ عندَ الأُدَبَاءِ مَقُوْلاتٌ نَقْدِيَّةٌ تَغُضُّ مِنْ أَدَبِ العُلَمَاء؛ فَتَنْسِبُهُ تَارَةً إلى التَّكَلُّف, وتَارَةً إلى الفَجَاجَةِ وخَرَقِ الأُسْلُوب, ويَشْتَدُّ التَّثْرِيْبُ حينَ يَنْتَمِي العَالِمُ إلى عَصْرٍ أَسْهَبَ في ذَمِّهِ البَاحِثُون. وجُنُوحَاً إلى الموضُوْعِيَّةِ, واسْتِجْلاءً للحَقِيْقَةِ العِلْمِيَّة؛ فقد تَلَقَّفْتُ رَايَةَ البَحْث, وتَصَدَّيْتُ لدِرَاسَةِ أَدَبِ مُحَدِّثٍ مَغْمُورٍ عَاشَ في العَصْرِ العَبَّاسِيِّ إِبَّانَ حِقْبَتِهِ السَّلْجُوْقِيَّة, وهو الْمُحَدِّثُ الأديبُ أبو الفَضْلِ ابنُ الإِخْوَة.