اختيارات ابن القيم في طرق الإثبات
تبين من خلال هذا البحث ما يلي : 1-أن معنى اختيارات ابن القيم ، هو انتفاء آراء ابن القيم في طرق الإثبات التي خالف فيها المشهور من المذهب . 2-أن تعريف طرق الإثبات هو : وسائل إقامة الدليل الشرعي أمام القاضي في مجلس قضائه على حقِّ أو واقعةٍ من الوقائع بالطرق التي حددتها الشريعة . 3-أن البينة هي اسم لكل ما يبين الحق ويظهره ، وهو اختيار ابن القيم - رحمه الله - . 4-أن الشهادة هي إخبار الشخص عما يعلمه بلفظ خاص في مجلس القاضي . 5-أن العلماء اختلفوا في اشتراط الإتيان بلفظ الشهادة في أدائها ، حيث اشترطها جمهور العلماء ، وذهب ابن القيم وآخرون إلى عدم اشتراط ذلك ، ولكن الظاهر والله أعلم هو اشتراط ذلك . 6-ذهب ابن القيم – رحمه الله – إلى عدم اشتراط النصاب في الشهادة ، حيث جَّوز القضاء بشهادة شاهد واحد ، خلافاً لجمهور العلماء ، وهذا – والله أعلم – هو الظاهر ، لعدم وجود الدليل على اشتراط العدد . 7-إن العلماء اختلفوا في قبول شهادة الرجل والمرأتين في غير الأموال ، وما ليس يؤول إلى الأموال ، حيث أجازها الحنفية وابن القيم ، ومنعها الجمهور ، والظاهر – والله أعلم – هو القول الأول . 8-إن شهادة الصبيان اختلف أهل العلم فيها ، فذهب قوم إلى عدم قبولها بالكلية ، وذهب بعضهم إلى أنها مقبولة إذا كان الصبي ابن عشر ، وذهب ابن القيم وجماعة إلى قبولها في الجراح إذا أدَّوها قبل التفرق وهو مذهب المالكية ، ورواية عن الإمام أحمد ، وهذا هو الراجح – إن شاء الله - . 9-أن الفاسق إما أن يكون : أ-فاسقاً مثل القاذف فهل بعد التوبة تقبل شهادته ؟ خلاف بين العلماء ، ذهب الجمهور إلى قبولها وهو اختيار ابن القيم ، خلافاً لمن منع ذلك وهو أبو حنيفة – رحمه الله - . ب-فاسقاً بالاعتقاد : وهؤلاء أنواع كما فصل ذلك ابن القيم : 1-من يعتقد ما يعتبر كفراً ، مثل إنكار حدوث العالم ، فهذا لا تقبل شهادته لأنهم على غير الإسلام . 2-أهل البدع الموافقون لأهل الإسلام ولكنهم مخالفون في الأصول ، كالرافضة والقدرية ، فهؤلاء أقسام : •الجاهل المقلد ، فلا ترد شهادته . •المتمكن من السؤال وطلب الهداية ، وهذا إن غلب ما فيه من البدعة على السنة فترد شهادته ، وإن غلب ما فيه من السنة على البدعة ، فهذا تقبل شهادته . •أن يسأل ويطلب ، ويتبين له الهدى ، فيتركه تقليداً وتعصباً فهذا إن كان معلناً لبدعته ردت شهادته ، إلاَّ عند الضرورة ، فتقبل . أما إن كان غير معلن لبدعته فتقبل شهادته . 10-إن شهادة الكفار بعضهم على بعض جائزة ، وإن اختلفت مللهم ، وهو اختيار ابن القيم – رحمه الله - . 11-إن شهادة الكفار على المسلمين في الوصية في السفر ، جائزة ، وهذه رواية عن الإمام أحمد – رحمه الله - ، وهو اختيار ابن القيم . 12-إن شهادة مجهول الحال لا تقبل ، حتى يُسأل عنه ويُتبين من أمره هل هو عدل أم فاسق . 13-أن شهادة المنافق مردودة ، لوصف الله تعالى إياهم بالخداع والكذب والاستهزاء . 14-أن اليمين هي توكيد الحكم بذكر معظم على وجه مخصوص. 15-أنه لا يشترط في اليمين الإتيان بلفظ ( والله الذي لا إله إلا هو ) بل يكتفي باليمين بالإتيان بلفظ الجلالة . 16-أن الحيازة ووضع اليد تعتبر من طرق إثبات الحق عند الحاكم ، لا سيما إذا طالت المدة . 17-الذي يظهر - والله أعلم – أن القضاء بالشاهد واليمين لا يكون إلاَّ في الأموال وما يؤول إلى الأموال ، وهو قول الجمهور ، خلافاً لمن أجاز ذلك في كل شيء ومنهم ابن حزم وابن القيم . 18-إن شهادة امرأتين ويمين الطالب جائزة ، لعدم وجود مانع من ذلك ، وليس في القرآن ولا في السنة ولا في الإجماع ما يمنع من ذلك – وهو اختيار ابن القيم – رحمه الله - . 19-إن شهادة امرأة ويمين الطالب لا تجوز إلاَّ للضرورة والحاجة ، خلافاً لمن أجاز ذلك بإطلاق وهو شيخ الإسلام تصريحاً ، وتلميذه ابن القيم إقراراً . 20-أن النكول هو الامتناع عن اليمين في مجلس القضاء . 21-أن حقيقة النكول كإقامة البينة بالحق ، وهو اختيار ابن القيم – رحمه الله - . 22-أن الظاهر – والله أعلم – في مسألة النكول مع رد اليمين هو التفصيل الذي ذكره شيخ الإسلام واختاره ابن القيم ، وهو أن يقضى بالنكول في موضع ، وبالرد في موضع ، فكل موضع أمكن المدعي معرفته والعلم به ردت عليه اليمين ، فإنه إن حلف المدعي استحق ، وإن لم يحلف لم يحكم له بنكول المدعى عليه . أما إذا كان المدعي لا يعلم ذلك ، والمدعى عليه هو المنفرد بمعرفته فإنه إذا نكل عن اليمين حكم عليه بالنكول ، ولم ترد اليمين على المدعي . 23-أن القضاء بالشاهد الواحد مع نكول المدعي عليه جائزة ، وهو اختيار ابن القيم . 24-أن اليد المجردة التي لا تفتقر إلى يمين ، تعتبر من طرق الحكم التي يحكم بها القاضي . 25-إن الإنكار المجرد من طرق الحكم التي ذكرها ابن القيم . 26-إن التواتر من طرق الحكم التي يحكم بها القاضي . 27-إن القاضي يجوز له أن يحكم بخبر الواحد إذا تبين صدقه وعدالته . 28-أن الحكم بالكتابة والخط والشهادة عليها من وسائل الإثبات . 29-أن القرينة هي كل أمارة ظاهرة تقارن شيئاً خفياً فتدل عليه. 30-أن القرائن تنقسم أقسام عدة باعتبار مصدرها ، وعلاقتها بمدلولها ، وقوة دلالتها . 31-إن الظاهر – والله أعلم – هو القول بجواز العمل بالقرائن واعتبارها وسيلة من وسائل الإثبات . 32-إن العلامات الظاهرة ، تعتبر من الطرق التي يحكم بها القاضي .