الأصولية في الفكر الديني اليهودي والنصراني المعاصر وأثرها على العالم الإسلامي وطرق مواجهتها
إن لفظ (الأصولية) من الألفاظ الشائكة التي تناولها المفكرون والعلماء، والكتاب المعاصرون من الجانبين الإسلامي والغربي بالاستقراء والبحث والتمحيص، والتحليل للوقوف على بدايات إطلاقه ومقاصده ومرجعيته اللغوية، والشرعية، و منطلقاته الفكرية، حيث شاع بناؤه في وقتنا الحاضر بعد إلصاقه بالإسلام بإطلاقات تفتقر المصداقية والشفافية ـ كالتطرف، والإرهاب، والقتل، والتدمير...ـ ما دعا تداعيات إطلاقه غير الدقيق؛ لشغل مساحة كبيرة في الثقافتين الإسلامية والغربية بحثياً، وإعلامياً، فعُقدت المؤتمرات، واللقاءات، والحوارات،... وأخذت حيزاً واسعاً من التناول الجدلي لتحديد ماهيتها وكنهها ومازالت مثار جدل ونقاشات،... فما الذي أكسبه هذا الاهتمام غير المسبوق؟ إنها قضية العصر الهامة، وجدير بها أن تأخذ هذا الحيز لأنها تشكل القضية المصيرية للجانب الإسلامي؛ لإرتباطها بالإحتلال السافر لفلسطين بإدعاءات أصولية غربية مضللة؛ لحولقتها بأطرها الضيقة حيث نشأت ووأدها في مهدها. وفي ظل متابعتنا لأحداث العالم بعد أحداث سبتمبر 2001م عَرض علىً فضيلة الشيخ الدكتور محمد عمر بقسم العقيدة بجامعة أم القرى القضية لتكون موضوع أطروحتي في الدكتوراه ولم تسعنِ الفرحة بتلقي العرض، ولم أخفِ ترحيبي اللحظي للمشاركة المتواضعة في الرد على الدعاوى الباطلة وإظهار الوجه الحقيقي للأصوليتين المتطرفتين اليهودية والنصرانية، وإبراز روح الإسلام وسماحته في التعامل مع المخالف. لا سيما أهل الكتاب منهم. وكنت أعلم ما يحف الموضوع من المخاطر من جانب، والمخاطرة من جانب آخر، كونه من الموضوعات الجديدة والمعاصرة بالساحة العربية في الأطروحات العلمية، والأهم لارتباطه بالسياسة قلباً وموضوعاً ارتباطاً وثيقاً، وخشيت في كثير من الفصول طغيان الجانب السياسي والتاريخي على الموضوع العقدي الأساسي روح القضية والأطروحة، فحاولت ما أمكنني تجنب ذلك إلا ما أقحمنا فيه ــ إقحام القائل مجبرُ أخاك لا بطل ــ مما لابد منه؛ لإظهار الحقائق وكمال الصورة.