أهمية الموضوع وسبب اختياره: إن الموضوعات في مجال مقارنة الأديان كثيرة ، وكثير منها طرقه الباحثون واستوفوا قضاياه بحثاً ومناقشة وتحليلاً ونقداً ، خاصة ما يتعلق بالرسالتين الكبريين : اليهودية والنصرانية ومقارنتهما بالإسلام. إلا أن هذه القضية التي هي موضوع البحث لفت نظري قلة الطارقين لها ، بل - حسب بحثي واطلاعي- لم أقف على من عني ببحثها ولم شعثها من بطون الكتب. وتكمن أهمية طرق هذا الموضوع وتناوله بالبحث في أنه يتناول سيرة أقرب أتباع عيسى  إليه ، وأكثرهم ملازمة له ، والذين كانوا حملة رسالته ، المبلغين لها إلى الناس من بعده ، والذين – كما سبق القول- يشملهم عموم ما ورد في القرآن والسنة عن الحواريين من أتباع الأنبياء في صدق النصرة وخلوص الاتباع. هذا في الوقت الذي نجد فيه ما ورد عن الحواريين لدى النصارى يختلف عن هذه الصورة المذكورة في القرآن والسنة. ففي كتب النصارى الأصول نسبة قضايا مختلفة إلى الحواريين من ادعاء أنهم كانوا شهوداً مؤصلين للعقائد الكبرى في النصرانية : ادعاء أن المسيح ابن الله ، وقضايا الصلب والقيامة ، وإلغاء العمل بشريعة التوراة التي جاء عيسى مصدقاً لها. وهناك نقطة اختلاف جوهرية بين مصادر النصارى وبين ما ورد في القرآن والسنة عن الحواريين ، فإن الأولى ورد فيها الحديث بشيء من التفصيل عن الحواريين والقضايا التي نُسبت إليهم بينما نجد حديث القرآن والسنة عنهم حديثاً مجملاً ، يُمكِّننا من تصور الإطار العام لهؤلاء الحواريين وما كانوا عليه.