إنّ تحقيق التراث وإخراجه مِن أجلّ الأعمال التي تخدم لغتنا العربية وتؤكّد تميزها وثراءها. وكان من الكتب التي استوقفتني في أثناء بحثي في فهارس التراث كتاب ( التعليق المختصر من كتاب أبي سعيد في شرح كتاب سيبويه ) لأبي الجوائز الحسن بن عليّ الواسطيّ (ت 460هـ)، وهو أحد الشعراء الكُتّاب في القرن الخامس الهجريّ، أحد القرون الذهبيَّة في التأليف والإبداع العلميّ والأدبيّ. ومن أهمّ ما دعاني إلى تحقيق هذا الجزء من هذا الكتاب ارتباطه بأهم كتب العربيّة قاطبة وأشهرها، وهو كتاب سيبويه، ذلك الكتاب الذي لم يحظ أي كتاب في العربية بما حظي به من الاهتمام والرعاية؛ فكتاب ( التعليق المختصر للواسطيّ ) يعدّ من الشروح المختَصَرَة للكتاب، أو من التعليقات عليه، فهو يكتسب أهمية كبيرة لارتباطه بكتاب سيبويه. ومن الأمور التي دعتني إلى تحقيق هذا الجزء من الكتاب غير ما ذكر: أوّلاً: أنّه اختصر أهمّ شروح كتاب سيبويه، وهو شرح أبي سعيد السيرافي، وشرح أبي سعيد لكتاب سيبويه غنيّ عن التعريف. ثانياً: اشتماله على نسبة بعض الآراء والأقوال، والتي لا توجد نسبتها في شرح السيرافيّ المطبوع، مع العلم بأن ناشريه رجعوا في تحقيقه إلى عدة نسخ. ثالثاً: اشتمال هذا المخطوط على عدد من الآراء والمناقشات والتصويبات والردود، وكلّ ذلك ممّا يحتاجه الناظر في كتاب سيبويه وشرحه لأبي سعيد السيرافيّ. رابعاً: اتصال سند المخطوط، فقد ذكر الناسخ أنه نسخه من خطّ المؤلِّف. خامساً: رغبتي في الإسهام - ولو بالقليل – في خدمة التراث العربيّ الإسلاميّ وإظهاره. ولقد جاء هذا البحث في مقدمة وتمهيد وقسمين: الدراسة والتحقيق.