دراسة الغطاء النباتي لبعض السبخات المهمة في وادي السرحان في المملكة العربية السعودية / هيفاء عبدالعزيز ساكت الهذلول ؛ اشراف عبدالعزيز السعيد.
المستخلص العربي تُعّدُ السبخاتُ الداخليةُ أحدَ المظاهرِ الجيومورفولوجيةِ للمناطقِ الجافةِ وشبه الجافة. وبالرغم من انتشارِها الواضح في بعضِ الأوديةِ وبينَ الكثبانِ الرمليةِ، إلا أنها لم تلْقَ الاهتمامَ منْ حيثُ دراسةُ تركيبِ غطائِها النباتي, وخصائصِه البيئية, مقارنة بالسبخات الساحلية, وتهدفُ هذه الدراسةُ إلى: (1) حَصْرِ وتصنيفِ أهمّ الأنواعِ النباتيةِ الوعائيةِ التي تنتشرُ في سبخاتِ وادي السرحان، (2) دراسة مكونات الغطاء النباتي في السبخات وتقسيمها إلى مجتمعاتٍ نباتيةٍ، (3) التعرفِ على عواملِ التربةِ الأكثر تأثيراً في توزيع الغطاء النباتي, (4) دراسةِ العلاقةِ بين توزيعِ بعضِ العناصر المعدنية في الأنواع النباتية الأكثر سيادةً في السبخات, وتربةِ منطقة جذورِ هذه النباتاتِ لفهمِ الآلياتِ التي تمكنها منْ مقاومةِ الملوحةِ, ولتحقيقِ هذهِ الأهدافِ أُجريتْ هذهِ الدراسةُ على أهمِّ سبخاتِ وادي السرحان وأكثرِها تنوعاً. تمّ التعرف على العواملِ المناخيةِ السائدةِ وعلى سماتِ التربةِ الكيميائيةِ والفيزيائيةِ. وكذلك دُرِست الصفاتُ الكميةُ للغطاءِ النباتي, والتغيراتُ المظهريةُ لأربعةٍ منْ أهمِّ الأنواعِ النباتيةِ السائدةِ خلال 2005 – 2006م, أُجريَ التحليلُ الإحصائيُّ متعدد المتغيراتِ لخواصِّ التربةِ والنباتاتِ بالمواقع, وقد بيَّنت النتائجُ أنَّ النباتاتِ المعمرةَ شكلتْ الغطاءَ النباتي الرئيسَ للمنطقة حيثُ وُجد ثمانيةَ وعشرونَ نوعاً نباتياً تنتمي إلى عشرِ فصائلَ نباتيةٍ. وبلغ عددُ الأنواعِ النباتيةِ المعمرة منها ستة وعشرين نوعاً نباتياً, كما أظهرَ الحصرُ أنَّ نباتاتِ الفصيلةِ الرمراميةِ كانتْ أكثرَ الأنواعِ شيوعاً بمواقعِ الدراسةِ بنسبةِ50%, واحتلتِ المرتبةَ الثانيةَ نباتاتُ الفصيلةِ النجيليةِ التي مثلها أربعة أنواع نباتيةٍ بنسبةِ 14% تلاهما الفصيلةُ الأثليةُ. وأفادتِ التحاليلُ أنَّ تربةَ منطقةِ الدراسةِ قلويةٌ جيريةٌ تمتازُ بقيمةِ توصيلٍ كهربيٍّ عالية, ووُجِد أن الملحَ الأكثرَ تأثيراً في السبخاتِ هوَ ملحُ كبريتاتِ البوتاسيوم, وأشارت نتائجُ التحليلِ التقسيميِّ للمواقعِ إلى وجودِ ثمانيةِ مجتمعات, وهي: 1- مجتمعُ العصلا Halocnemum strobilaceum ، 2- مجتمعُ الطرفا- العصلا Halocnemum strobilaceum- Tamarix aucheriana ، 3- مجتمعُ الشوحوح- الحمرة Frankenia aucheri- Limonium carnosum، 4- مجتمعُ الشوحوح- الشنان Seidlitzia rosmarinus - Limonium carnosum، 5- مجتمعُ الفرس Salsola tetrandra، 6 - مجتمعُ الطرفا- الشوحوح Limonium carnosum- Tamarix aucheriana، 7- مجتمعُ المصع- العكرش- الطرفا Tamarix aucheriana - Aeluropus lagopoides- Nitraria retusa، 8- مجتمعُ المصع – النمص Juncus rigidus - Nitraria retusa. وقد أظهرَ تحليلُ التنسيقِ المباشرِ أنَّ الاختلافَ التراكميَّ الموضحَ بالمحورِ الأول والثاني والثالث للتحليلِ بلغَ (16,6% و 30,2% و40,1%) على الترتيب, أي أنَّ عواملَ التربةِ المقاسةِ قد فسرتّ نسبةَ 40% فقط منَ الاختلافِ بينَ المجتمعاتِ النباتيةِ, أي أنَّ هناكَ نسبة متبقية منَ الاختلافاتِ لم تفسر, وربما يكونُ لها دورٌ في توزيعِ المجتمعاتِ النباتيةِ في السبخات, وأظهرتِ النتائجُ الإحصائيةُ وعلاقاتُ الارتباطِ بينَ الأنواعِ النباتيةِ وعواملِ التربةِ ومحاورِ التوزيع أنَّ محورَ التوزيعِ الأولِ ارتبطَ إيجابياًّ معنوياًّ معَ تركيزِ الكالسيوم وكربونات الكالسيوم والصوديوم والحديد, وارتبطَ سلبياً معنوياً بالكبريتاتِ, أما محورُ التوزيعِ الثاني فقد ارتبطَ معنوياًّ بكربوناتِ الكالسيوم ونسبةِ تشبعِ التربةِ بالماءِ, وجميعها منَ العواملِ الأكثرِ تأثيراً في توزيعِ النباتاتِ في بيئاتِ السبخاتِ الموجودة في وادي السرحان, حسب تركيزاتها المختلفةِ, ويتضحُ منْ هذهِ الدراسةِ قدرةُ الأنواعِ النباتيةِ على العيشِ في بيئاتٍ قاسيةٍ, حيثُ وُجِدَ أنَّ عنصرَ الكالسيوم يتراكمُ بكمياتٍ كبيرةٍ في داخلِ أنسجةِ جميعِ الأنواعِ النباتيةِ المدروسةِ, وكذلكَ بالنسبةِ لعنصرِ الماغنيسيوم, حيثُ إنه يتراكَمُ بشكلٍ كبيرٍ في داخلِ النباتِ ويقلَ تركيزهُ في التربة, ودلتِ النتائجُ على أنَّ النباتَ يمتلكُ آلياتٍ خاصةً لمقاومةِ التركيزِ العالي من الأملاح, وهي المقاومةُ بالاستبعادِ, وهناك آلياتٌ أخرى محتملة أيضاً, ودلتْ نتائجُ المتابعةِ الفينولوجيةِ للأنواعِ السائدةِ في السبخات أنَّ المرحلةَ الخضريةَ منْ أطولِ المراحلِ الفينولوجيةِ في حياةِ معظمِ الأنواعِ النباتيةِ, وقد تكونُ إحدى وسائلِ المقاومةِ البيئيةِ لهذهِ النباتاتِ لمواجهةِ الظروفِ الصعبة, ويمكنُ أنْ نستنتجَ أنَّ الأنواعَ النباتيةَ استطاعتِ النموَّ والتكيفَ في وجودِ ظروفٍ بيئيةٍ قاسيةٍ بتراكمِ كمياتٍ كبيرةٍ منْ بعضِ العناصرِ المعدنيةِ المتاحةِ في التربةِ في أنسجتها بالرغمِ منَ الأضرارِ التي قد تُحدثُها بعضُ هذهِ العناصرِ في أنسجتِها والإحتفاظِ بشكلِها الخضريِّ طوالَ السنةِ, وهي تستحقُّ المزيدَ منَ الدراسةِ والبحثِ في أسرارِها البيئيةِ.