Abstract
لقد جاء الإسلام شاملاً جميع جوانب الحياة ومراعياً جميع حالات المخلوقات وخص الإنسان بكبير عناية من حين كونه نطفة،بل من قبل ذلك ،وحتى بعد مماته، فقد خلقه أطواراً وأولى كل مرحلة من مراحل عمره عناية فائقة،ولما كانت مرحلة عمر الإنسان الحياتية التي يكون فيها كبيراً في السن حساسة وتحتاج إلى مزيد عناية فقد سبق الإسلام إلى التنبيه على ضرورة الاهتمام بها ومراعاتها سواء من المسن نفسه،وذلك بالإعداد المسبق لها بالتعلم والمبادرة بالأعمال الصالحة في بواكر العمر،كما فسر بعض السلف الاستثناء في قوله تعالى :â wÎ) tûïÏ%©!$# (#qãZtB#uä á(1)،«فإنهم لا يصلون إلى حالة الخرف وأرذل العمر»(2)،أو من غير المسن، وذلك برعايته والقيام عليه بما يصلح حياته الدنيوية والأخروية،قال تعالى:â ª!$#ur ö/ä3s)n=s{ ¢OèO öNä39©ùuqtGt 4 Nä3ZÏBur `¨B tã #n<Î) ÉAsör& ÌßJãèø9$# ös5Ï9 w zOn=÷èt y÷èt/ 5Où=Ïæ $º«øx© 4 ¨bÎ) ©!$# ÒOÎ=tæ ÖÏs% ÇÐÉÈ á(3) وأرذل العمر كما ذكر المفسرون هو:«أخسه وأدونه وآخره الذي تضعف فيه القوى،وتفسد فيه الحواس ويختل فيه النطق والفكر ويحصل فيه قلة العلم وسوء الحفظ والخرف، وخصه الله بالرذيلة لأنه حالة لا رجاء بعدها لإصلاح ما فسد».(4) قال الإمام القرطبي -يرحمه الله تعالى-:«وقد قيل هذا لا يكون للمؤمن،لأن المؤمن لا ينزع عنه علمه».(1)كما نُقِل عن عكرمة قوله:«من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر حتى لا يعلم بعد علم شيئاً»(2)كل ذلك يدل على أهمية تدارك المسن بدعوته إلى الله تعالى وتبصيره بأمور دينه قبل فوات الأوان،قال-e-:(بادروا بالأعمال سبعاً،هل تنتظرون إلا فقراً منسياً...إلى أن قال أوهرماً مفنداً...)(3)،ولما كانت هذه المرحلة عصيبة فلا عجب أن يتعوذ منها رسول الله-e-فقد روى أنس-t-أن النبي-e-كان يقول:(اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات وأعوذ بك من عذاب القبر)(4). وقد تزايد في الآونة الأخيرة التنادي بالاهتمام بفئة المسنين لـمّـا ظهر ما يُعرف بالأسرة النووية(5)،وتلاشي ما يسمى بالعائلة الممتدة(6)،مما أدى إلى قطع العلاقة بين صغار السن وكباره،والتقصير في البر بالوالدين،وما ذلك إلا نتيجة للابتعاد عن تعاليم الإسلام وتوجيهاته في التعامل مع المسنين،فبُذِلت جهود عملية لخدمتهم،وانصبت تلك الجهود على النواحي المادية الصرفة دون الاهتمام بالجانب الروحي وهو الغذاء الاهم،والحق أن هذا الجانب يعد من اهم الجوانب في حياة الإنسان عامة وفي حياة المسنين خاصة،فكون الإنسان يعيش مرحلة القوة والجلد مشغولاً بالدنيا وخدمة غيره من زوجة وأولاد،وجمع حطام الدنيا ثم يموت وهو مشرك أو مقصر أو عاص لله فيخسر الدنيا والآخرة ـ عياذاً بالله- فهذه خسارة عظمى، فقد أكد الله هذه الحقيقة بقولة تعالى:â ãNä39ygø9r& ãèO%s3G9$# ÇÊÈ 4Ó®Lym ãLänöã tÎ/$s)yJø9$# ÇËÈ xx. ôqy tbqßJn=÷ès? ÇÌÈ §NèO xx. t$ôqy tbqßJn=÷ès? ÇÍÈ xx. öqs9 tbqßJn=÷ès? zNù=Ïæ ÈûüÉ)uø9$# ÇÎÈ cãrutIs9 zOÅspgø:$# ÇÏÈ ¢OèO $pk¨XãrutIs9 ú÷ütã ÈûüÉ)uø9$# ÇÐÈ ¢OèO £`è=t«ó¡çFs9 >ͳtBöqt Ç`tã ÉOÏè¨Z9$# ÇÑÈ á (1)كما تبرز أهمية هذا الموضوع بالنظر إلى واقع كثير من المسنين اليوم الذين كانت ظروف العيش وطلب العلم في الماضي عندهم من الصعوبة بمكان مما جعل كثيراً منهم على قدر كبير من الجهل ببعض أحكام الدين فهم يحتاجون إلى الدعوة إلى الله تعالى بأسلوب ووسائل مناسبة وتجلية ما ينبغي أن يتعلموه من الدين بالضرورة واستئصال ما لدى البعض من مخالفات شرعية قد تقدح في العقيدة التي قد يتوارثها الأجيال. أسباب اختيار الموضوع: تم اختيار هذا الموضوع لأسباب عدة يمكن بيانها في الفقرات التالية: أ- أسباب عامة: 1- اهتمام الإسلام بالمسنين ورعايته لهم،وحثه على الاعتناء بهم،مما يستدعي تجلية هذا الأمر وجعله أمراً واقعاً. 2- التعميم الخاطئ في القول:إن المسنين لا يُجدي معهم النصح ولا التعليم (1)،ومن مخاطر ذلك الإعراض عن تعليمهم وتعلمهم أحكام الإسلام العامة والخاصة ونصحهم وتوجيههم إلى ما ينفعهم في أمور دينهم،فقد أثبت كبار الصحابة-y-جدارة المسنين وأهمية دورهم في مجال الدعوة إلى الله تعالى،سواءً كان المسن داعية أو مدعواً،فالمسن يكون تأثيره الدعوي أقوى وقبول رأيه أجدر لما يمتاز به من أصالة الرأي والحكمة والتجربة فإعداد الدعاة من المسنين أمر مهم في حياة الأمة فقد جعل النبي-e-ذلك في عين الاعتبار حيث أعد القادة منهم كأبي بكر الصديق وعمر وعثمان-رضي الله عن الصحابة-أجمعين. ب- أسباب علمية: 1 - عدم وجود دراسة علمية دعوية متخصصة في هذا الجانب . 2- أهمية المساهمة في هذا الموضوع من قبل الدعاة إلى الله تعالى حيث أن كل من كتب حول الموضوع لم يتطرق لأمر الدعوة مع كثرة الدراسات والبحوث العلمية الاجتماعية لهذه الفئة. 3- ارتباط هذا الموضوع ارتباطاً وثيقاً بتخصص الدعوة إلى الله تعالى. 4- أهمية معرفة معوقات العمل الدعوي مع فئة المسنين وسُبل علاجها. 5- أمل الباحث أن يفيد بهذه الدراسة كل من: أ- القائمين بالدعوة إلى الله تعالى في وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد،حتى يتسنى لهم معرفة احتياجات المدعوين من المسنين والمعوقات التي يمكن أن تواجه دعوتهم. ب- القائمين بتعليم الكبار في وزارة التربية والتعليم،الذين يفتقرون لمثل هذه الدراسة.