موقف عبدالوهاب المسيري من العلمانية دراسة تحليلية نقدية
Author
الشهراني، فيصل بن زامل بن مفلح
Abstract
مصطلح العلمانية من أكثر المصطلحات إثارة للجدل في الثقافة العربية، ولاسيّما بعد ثورات الربيع العربي، وما تلاها من صعود لتيارات الإسلام السياسي على سطح الأحداث السياسية والاجتماعية. ومن أبرز المفكرين، الذين تعرضوا لمصطلح العلمانية، نقداً وتحليلاً، على الساحة الثقافية العربية الإسلامية، الدكتور عبد الوهاب المسيري، وذلك خلال عدد من الدراسات، من أشهرها كتاب (العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة)، الذي صدر في مجلّدين، عن دار الشروق، عام 2002م. يحتل مصطلح ""العلمانية الشاملة"" مكانة مركزية في مشروع عبد الوهاب المسيري الفكري ، فقد نحته الرجل وجعله أداة تحليلية ارتكزت عليه مقاربته لمسألة العلمانية والحداثة الغربية، وكان له تأثير على الساحة الثقافية العربية الإسلامية، من هذا المنطلق و نظرا لهذه المركزية التي احتلها المفهوم، جاءت هذه الدراسة للباحث المصري ""محمد عبد أبو العلا"" متناولة مفهوم العلمانية ومن خلاله مشروع المسيري، تفكيكاً وتركيباً، بهدف الكشف، في النهاية، عن مدى اتساق بنيته، ومن ثمّ مدى إمكانية العودة من جديد إلى إقامة الجسور بين العلمانية والإيمانية في الفكر العربي الإسلامي، تلك الإمكانية التي تمثل، عند المسيري، ضرباً من الوهم، وخداع الذات. يشير الباحث أبو العلاء إلى أن المسيري حاول تقديم تصوّر عقلي للعلمانية يتّسم بالاتساق والترابط، حيث يمكن من خلاله تفسير الظواهر الطبيعية كافة (المادية) والإنسانية. من خلال اعتماده، منهجاً جديداً وصفه بأنّه مختلف بعض الشيء عمّا هو سائد وشائع. ويتمثل هذا المنهج، عند المسيري، في محاولة وضع تعريف جديد للعلمانية، ليس في ضوء التعريفات المعجمية الوردية، التي تعبِّر عن مجرد آمال، أو توقعات متفائلة، وإنّما في ضوء ما تحقّق، بالفعل، في الواقع الذي تمّت علمنته. تتعرّض هذه الدراسة، في المقام الأوّل، للكشف عن مدى نجاح المسيري في هذه المحاولة، التي يتوقف مصير مشروعه الفكري بأكمله على نجاحها من عدمه. يقر الباحث أن هذه الدراسة لا تروم تقديم وجهة نظر معارضة لما يطرحه المسيري حول قضية العلمانية، ولكنّها تحاول، بعد أن تقوم بتحليل مفهوم العلمانية عنده، نقض هذا المفهوم من جذوره، وذلك من خلال آلية رئيسة هي الكشف عن عدم كفاءة المنهج الذي اعتمده المسيري في تناوله هذه القضية، ما يهدّد مشروعه بأكمله. إنّ مفهوم العلمانية الشاملة، الذي سكه المسيري، يرسِّخ لحالة استقطاب إيديولوجي ذي بعد طائفي خطير، يعود بنا إلى ما يشبه فترة الحروب الدينية في أوربا، في القرن السادس عشر. ومن هنا، تأتي أهمية هذه الدراسة، التي تمثّل محاولة لهدم أكثر المفاهيم المعاصرة عداءً لأيّة رؤية تنويرية، أو عقلانية، في الفضاء الثقافي العربي الإسلامي، ولاسيّما أن هذا المفهوم (العلمانية الشاملة) يحظى بذيوع وانتشار لا مثيل له في الوسط الثقافي العربي.