أحكام الرهن العقاري : دراسة مقارنة

تاريخ النشر (نص حر)
2015
مدى
1 item
الملخص

جاءت الشَّريعة الإسلاميَّة في أحكامها المتعدِّدة ناظمةً لحياة النَّاس بمختلف شؤونها وكافَّة نواحيها، من عباداتٍ وسلوكيَّاتٍ ومعاملاتٍ، وتَدخل في جملة المعاملات التعاملات الماليَّة وما لها من صلةٌ بها من بيعٍ وإجار وشركةٍ وغيرها من أنواع العقود وأشكالها. أولى الإسلام العقود اهتماماً بالغاً حِرصاً على حُقوق النَّاس وحفظاً لها من الضياع؛ فجاء الأمر بالوفاء بالعُقود والالتزام بها في مواطن كثيرةٍ، منها قول الله تعالى في مطلع سورة المائدة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ?)،[1] تنقسم العقود في الشَّريعة الإسلاميَّة حَسب طبيعتها إلى أقسامٍ أربعةٍ، تندرج تحت كلِّ قسمٍ منها جُملةٌ من العقود، وهي: عقود المُعاوضات كالبيع والإجار، وعقود المشاركات وتدخل تحتها أنواع الشّركات المختلفة وأحكامها، وعقود التَبرّعات كالهبة والوصية، وعقود التَّوثيقات ومنها الكفالة والرَّهن، وتالياً في هذا المقال حديثٌ عن عقد الرَّهن، تعريفٌ به، وبيانٌ لنوعٍ من أنواعه وهو الرَّهن العقاري، وتوضيحٌ لحكمة تشريعه وحكمه الشَّرعي. الرَّهن تعريف الرَّهن الرَّهن لغةً: الرَّهن في اللغة من الجذر اللغوي رهن، الراء والهاء والنون أصل صحيحٌ دالٌّ على الثَّبات والدَّوام،[2] وكلُّ أمرٍ يحتبس به وبسببه شيءٌ فهو رهينةٌ له،[3] ومنه قول الله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ)[4] ورهن المتاع أو السِّلعة بالدَّين؛ أي حبسها فهي مرهونةٌ بالدَّين؛[5] فالرَّهن في اللغة إذاً راجعٌ لمعنى الثبات والدَّوام، ومعنى الحبس، وهما معنيان مُتقاربان أو مُتعلّقان ببعضهما؛ إذ إنَّ الحبس يستلزم ثبات الشيء المحبوس ودوام بقائه فيه. الرَّهن في الاصطلاح الشَّرعي: عرَّف العلماء الرَّهن بتعريفاتٍ عديدةٍ متقاربةٍ في معناها ومضمونها، ويمكن القول إنَّ الرَّهن هو جعل عينٍ ماليَّةٍ وثيقةٌ لدين، يستوفى ويؤخذ منها أو من ثمنها حال تعذُّر الدَّائن عن الوفاء بدينه، وهو جائزٌ باتفاق الفقهاء، واستدلوا على جوازه بقول الله تعالى: (وَإِن كُنتُمْ عَلَى? سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ ? فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ ? وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ ? وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ? وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ)،[6]واستدلوا كذلك بفعل النَّبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام-، فقد توفي -عليه الصَّلاة والسَّلام- ودرعه مرهونةٌ عند يهودي