أهمية الموضوع: إن موضوع الاستخلاف القضائي له أهمية بالغة، وحاجة قصوى، يتمثل ذلك فيما يلي: أولاً: أنه وسيلة من وسائل الإثبات، مما جعل له أهمية كبيرة في مجال القضاء في الإسلام من الناحية التطبيقية العلمية. ثانياً: عناية العلماء بهذا الموضوع لاسيما الفقهاء منهم، إذ أنهم تكلموا في ذلك وقيدوا مسائله في أبواب القضاء منذ وقت مبكر. ثالثاً: عناية الأنظمة المعاصرة بهذا الموضوع والتركيز عليه بشكل واضح في الاتفاقيات القضائية بين الدول العربية تحت مسمى الإنابات القضائية . رابعاً: أن بعض مسائل هذا الموضوع تُعد من نوازل العصر المستجدة، التي لم تكن في عهد العلماء الأقدمين، فهذه المسائل بأمس الحاجة إلى دراسة مستقلة وتأصيل شرعي، للوصول إلى بيان الحكم الشرعي فيها بعد تأصيلها والاستعانة بما ذكره الفقهاء من أحكام مشابهة لها وتخريجها عليها . أسباب اختيار الموضوع: وقد دعاني إلى اختيار هذا الموضوع أسباب ودوافع كثيرة، أهمها ما يلي: أولاً: كون هذا الموضوع إجرائياً، يتأثر دائماً بتغير الوسائل والظروف مما يجعل الحاجة إلى بحثه قائمة كلما تغيرت الظروف وتطورت الوسائل. ثانياً: وجود مادة نظامية اشتملت على كثير من مسائل الاستخلاف القضائي لم تحظ باهتمام الباحثين في السياسة الشرعية. ثالثاً: أن موضوع الاستخلاف القضائي يحتوي على مسائل وجزئيات كثيرة متفرقة، وهو بأمس الحاجة إلى لمِّ أطرافه وجمع ما تفرق من مسائله وجزئياته، مع بيان ما يجري به العمل نظاماً، في بحث مستقل ليكتمل عقدها وتتضح صورتها. رابعاً: أنني لمست اهتماماً ورغبة في الكتابة في هذا الموضوع من قبل الذين استشرتهم من أهل الخبرة والاختصاص ، مما زاد في رغبتي وحرصي للكتابة في هذا الموضوع .