الاستشراق الماروني : دراسة تأصيلية لاتجاهاته ووسائله في النصف الأول من القرن العشرين / إعداد عبد العزيز بن علي المحويتي ؛ إشراف محمود ماضي.
قبل أن نشرع في ذكر الأهداف التي رمى إليها الموارنة من خلال ما سطروه من معتقد وفكر، وما حاولوا بثه في الوطن العربي من ثقافة، أخذت زخماً هائلا في بدايات القرن التاسع عشر الميلادي، قبول الشروع في ذلك فإنه يحسمن أن نذكر أنّ النشاط الثقافي الماروني لم يكن له وجود منذ أواخر القرن السابع الميلادي، وحتى أواخر القرن الحادي عشر: وحجة الموارنة في هذا الجهل الذي كان يخيم عليهم، إنّ الفتوحات الإسلامية أشغلتهم هذه المدة ""فتحركات هذا الفتح الحربية، المتتالية على بلاد سوريا والشرق عامة أجبرت الكنيسة المارونية على التحصن في جبال لبان، والاكتفاء بتغذية أبنائها من تراث حياتها السالفة""( ). بل إنّ الكاتب الماروني ""يوسف أسعد داغر"" يرى أبعد من ذلك فهو يعتقد أنّ الفترة تمتد حتى القرن الخامس عشر يقول: ""في هذه الحقيقة م التاريخ تحول نشاط السريان الموارنة من نشاط ثقافي إلي مجهود حربي، بسبب الاضطهادات المتوالية عليهم وعلى هذا الجبل فتحصنوا في جبال لبنان وأدوديته، مثابرين على إدارة شئونهم الداخلية، والروحية، والزمنية، برئاسة بطريركهم، ولذلك رأينا الصليبيين يحافظون على امتيازات البطريرك الماروني.."" ( ) إذاً فظهور الموارنة على مسرح الحدث الثقافي إنما كان مع بداية تحول الحروب الصليبية من مواجهة عسكرية إلى مواجهة فكرية،