الحياة السياسية ومظاهر الحضارة في بلاد اليمن في العصرالأموي
ومن خلال الدراسة ، فقد ألقى الضوء على الحياة السياسية ، ومظاهر الحضارة في بلاد اليمن في العصر الأموي. فقد اتضح من خلال البحث ، موقف أهل اليمن من خلافة الأمويين ، ففي سنة 41 هـ قامت الدولـة الأموية ، ويعتبر معاوية بن أبي سفيان ، أول خلفاء هذه الدولة ، فقد أرسل ولاته إلى جميع الأمصار ، ومنها اليمن ، مما يدل على توحيد الدولة الإسلامية تحت قيادته وحكمه. ويتضح من الدراسة أنه كان لأهل اليمن دور كبير في تثبيت أركان الدولة الأموية ، فقد أرتكز على رماحهـم الأمـن الداخلي ، الذي يدعم الموقف السياسي ، لذلك فقد هاجر كثير منهم إلى بلاد الشام ، وكانوا اليد اليمنى لمؤسس الدولة الأموية معاوية بن أبي سفيان ، لذلك فقد زاد في اعطياتهم مما يتفق مع سياسته الرامية إلى دعم الذين ساندوه في الوصول إلى السلطة. وقد انتهج يزيد سياسة والده ، ودعماً لموقفه لأهل اليمن ، الذين ينتمي إليهم نسباً حيث أنهم أخواله. أما سياسة الأمويين تجاه بلاد اليمن ، فقد جمعت المصلحة بين الثقفيين والأموييـن. فقد كان الاتفاق بينهما في السياسة العامة ، مما جعل الأمويين يثقون بالثقفيين ، ويعتمدون عليهم في إدارة المناصب الإدارية للدولة ، كإدارة ولاية اليمن وغيرها ما عدا سنوات قليلـة فـي خلافـة سليمـان بن عبد الملك ، وعمر بن عبد العزيز. لقد تعدد ولاة اليمن من قبل الدولة الأموية ، ابتداءً من حكم مؤسسها معاوية بن أبي سفيان من عام 41 هـ ، حيث استعمل عدداً من الولاة ، واستمر في إرسالهم إلى هذه الولاية عبر مسيرة الدولة الأموية حتى نهايتها. أما عن موقـف أهـل اليمن من حركة عبد الله بن الزبير ، فقد كانت بداية هذه الحركة بعـد الفتنـة التي أدت إلى مقتل عثمان بن عفان رضى الله عنه ، ورغم تطور أحداث الفتنة إلى قيام الدولة الأموية ، فإن ابن الزبير لم يعارض معاويـة بن أبي سفيـان قبل تولية ابنه يزيد العهد ، ولم يخالفه ، رغم أن أمر معارضته الخفية لم تغـب عن معاوية ، حيث كان يغدق عليه الهدايا ، إلى أن قتل الحسين بن علي رضي الله عنه ، فأتيحت الفرصة لابن الزبير لإظهار دعوته والعمل مـن أجلهـا. وعندما توفى يزيد بن معاوية أبي سفيان سنة 64 هـ خضعت لابن الزبير معظم البلدان ومنها اليمن ، حيث أرسل ولاته إليها ، واستمر خليفة إلـى أن قتل سنة 73 هـ. على يد الحجاج بن يوسف الثقفي. ويتضح من الدراسة للحالة الدينية في بلاد اليمن في العهد الأموي ، أن عقيدتهم تمثلت في مذهب أهل السنة ، حيث انتشر بينهم هذا المذهب ، وتمسكوا به وقد ظهرت بعض الفرق الإسلامية في بلاد اليمن في هذه الفترة كالشيعة. كما تأثرت اليمن بفرقة الخوارج الأباضية. فقد استغل أئمة هذه الفرقة الظروف التي تمر بها الدولة الأموية ، أثناء حكم الخليفة مروان بن محمد ، فقاموا بثورة في حضرموت ، تزعمها عبد الله بن يحيى (طالب الحق) ، ولكن الدولة استطاعت أن تقضي عليها ، وأعادت بلاد اليمن إلى نطاق الحكم الأموي في بلاد الشام. ومن خلال الدراسـة للناحية الاقتصادية ، فقد تأثرت بلاد اليمن في بعض الفترات بالسياسة الماليـة ، التي انتهجها بعض ولاة بني أميـة مع أهالي اليمن حيث أثقلوا كاهلهم بالضرائب الإضافية ، التي ألغاها عمر بن عبد العزيز. وقد شملت الدراسة كذلك النشاط الاقتصادي لبلاد اليمن في هذه الفترة ومنها الزراعة ، التي اشتهرت بها بلاد اليمن. أما الصناعة ، فقد اتضح من خلال البحث استمرار بعض الصناعات اليمنية القديمة ، التي ازدهرت بعد ظهور الإسلام ، ومن هذه الصناعات الصناعات المعدنية وفي مقدمتها السيوف. كما تعتبر صناعة المنسوجات من أشهر الصناعات التي تميزت بها بلاد اليمن ، وكانت المنسوجات اليمنية تصدر إلى أنحاء شبه الجزيرة العربية ، وقد اشتهرت بها بعض المدن اليمنية ، مثل حبر وسحول وعبقر وغيرها. كما تكلمت عن الحركة التجارية الداخلية والخارجية فقد كان التبادل التجاري جارياً بين أنحاء اليمن ، وكذلك التجارة الخارجية ، فقد كانت مستمرة مع البلدان الأخرى. وقد تعددت المراكز التجارية في بلاد اليمن وكانت عدن في مقدمة تلك المراكز وقد أشار المؤرخون إلى أهميتها كمركز تجاري. ومن حيث دراسة الحالة الثقافية في بلاد اليمن في العصر الأموي ، فقد كان لأهل اليمن حضارة ، تمثلت في جانب الإنشاء والتعمير ، ونظم الحكم والإدارة ، وكذلك العلوم والمعارف ، والجوانب الاقتصادية ، مما أثروا به الحضارة الإسلاميـة في جوانبها المختلفة. وقد تمركزت الحركة العلمية في اليمن في كـل من مدينة صنعاء والجند ، وهي دليل على اهتمام أهل اليمن بالعلوم ، وخاصة العلوم الدينية ، كالتفسير والحديث والفقه وعلم القراءات ، ونبغ في تلك الجوانب الهامة علماء كثيرون منهم ، وهب بن منبه ، وأخوه همام وطاووس بن كيسان ، وسماك بن الفضل وغيرهم.