المحيط البرهاني من بداية كتاب الكفالة والضمان إلى نهاية كتاب الصلح :
فإن علم الفقه من أجل العلوم وأزكاها، والفقهاء العاملون كما قال الشافعي -رحمه الله- هم أولياء الله( ). ولما كان هذا العلم العظيم -أعني علم الفقه الشرعي- بهذه المكانة العظيمة اجتهد العلماء -رحمهم الله- في الاستبانة والاستدلال وفي التفريع وفي حل المشكلات وبيان حكم الحوادث والواقعات وتمحض عن هذه الجهود الحثيثة هذا التراث العظيم المشاهد من هذه الموسوعات الفقهية التي دُوِّنَ فيها فقه الأئمة من الصحابة والتابعين ومن سار على نهجهم، وامتلأت المكتبة الإسلامية بهذا التراث الخالد بإذن الله، وبقي من هذا التراث العظيم نفائس وجواهر حبيسة الدور والخزانات، فاجتهد العلماء وطلاب العلم في استخراج هذه النفائس والجواهر ونشرها بين الناس والإفادة منها. ولقد يسر الله لي بفضله ومنته وتوفيقه في المشاركة في استخراج جزء من هذا التراث العظيم متمثلاً ذلك في المشاركة في تحقيق كتاب « المحيط البرهاني » للإمام محمود بن أحمد بن عبدالعزيز البخاري الذي حظي بالاهتمام والعناية من لدن المسؤولين في المعهد العالي للقضاء -قسم الفقه المقارن - وقام بالإشراف على إخراج هذا التراث ثلة من كبار العلماء الأفاضل. وقد تقدمت إلى قسم الفقه المقارن بطلب المشاركة في تحقيق كتاب الكفالة، والضمان، والحوالة، والصلح، من هذا الكتاب فتمت الموافقة عليه ولله الحمد والمنة. ومن الأسباب التي دعتني للمشاركة في تحقيق هذا السفر الضخم ما يلي: 1- خدمة هذا الدين الإسلامي، وذلك بإخراج كتب الفقه الإسلامي وجهود علماء الأمة السابقين عليهم من الله الرحمة والرضوان. 2- صيانة كتب العلماء السابقين وكتب الفقه والعلم الشرعي من عبث الوراقين الذين تطاولوا على كتب السلف فحرفوا وزيفوا إذ همهم الكسب والعائد المادي فقط. 3- علو مكانة الكتاب الفقهية ومنزلته العظيمة؛ فقد جمع -رحمه الله- مسائل كتب ظاهر الرواية ومسائل النوادر والفتاوى والواقعات، ونوازل عصره رحمه الله. 4- أن مؤلف هذا الكتاب معدود في طبقة المجتهدين في المسائل في المذهب الحنفي وهي الطبقة الثانية من طبقات الفقهاء الحنفية. 5- لم يسبق طبع هذا الكتاب إطلاقاً لا طبعة تجارية ولا علمية مخدومة ومعتنى بها حسب علمي. 6- أن علم تحقيق المخطوطات علم جديد بالنسبة لي فأردت خوض غماره ومعرفة أسراره، وذلك بمعرفة قواعده وكيفية التعامل مع المخطوط وأماكن وجود المخطوطات. 7- لما كنت محاضراً في المعهد العالي للقضاء قسم الفقه المقارن وهو مختص بتدريس المعاملات والقضاء والجنايات والحدود على المذاهب الأربعة وغيرها، فأحببت الاستزادة في المعاملات والإفادة من هذا الكتاب في المذهب الحنفي.