يركز البحث على المسائل الأصولية المنصوصة عن الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله – في غير مباحث الأدلة جمعاً، وتوثيقاً، ودراسة. وذلك بحصرها ولم شتاتها من بطون الكتب الأصولية المعتمدة في المذهب الحنبلي، وكذلك كتب المسائل المروية عنه . ومعلوم أن بعض هذه الكتب مكثر وبعضها مُقل، وما يوجد في بعضها قد لا يوجد في الآخر ورأيت أن أجمع هذه الروايات وأحصرها في رسالة لطيفة فأدرسها ثم اعرضها بأسلوب سهل ميسر – إن شاء الله تعالى - . وقد قمت باستشارة بعض مشايخي في قسم أصول الفقه بالرياض، فشجعوني على الموضوع وأرشدوني إلى بعض المصادر التي تهتم بهذا الجانب، فعزمت على سلوك هذه الطريق مستعينة بالله خير معين. أهمية الموضوع : تتجلى أهمية جمع هذه النصوص عنه ـ رحمه الله ـ فيما يلي: 1- أن هذه النصوص الأصولية عنه لها مكانتها في المذهب الحنبلي خاصة، قال شيخ الإسلام: ""ومن كان خبيراً بأصول أحمد، ونصوصه عرف الراجح في مذهبه في عامة المسائل""( ). 2- كما أن علماء المذاهب الأخرى ينقلون عن الإمام أحمد أقواله ونصوصه في بعض كتبهم ليستدلوا منها على مذهبه، ويتعرفون على أقواله فيها. فنقل مذهبه والاستفادة من قوله ونصه له مكانة عندهم؛ لأن هذا العَلَم إمام من أئمة الحديث، وإمام مذهب مشهور في الفقه فهو مدرسة علمية جمعت بين علمي الأثر والنظر. 3- كما أن هذه النصوص الأصولية عن الإمام تحدد مذهبه في المسألة بعناية ودقة، وتجعل من ينظر فيها يجزم بمذهب الإمام في المسألة، خاصة أن الرواية المنصوصة عنه أقوى من المخرجة والمستنبطة من قوله بل وتقدم عليها. 4- أن النقول قد اضطربت عن الإمام في عدد من القواعد الأصولية، مما يبرز أهمية تحرير تلك النقول والتوفيق بينها. 5- أن جمع نصوص الإمام في أصول الفقه يعتبر خزينة علمية ثمينة؛ لأنها مبنية على الكتاب والسنة وآثار السلف. 6- أن توثيق هذه الروايات من مصادرها الأصيلة، والتأكد من صحتها ودراستها دراسة أصولية تزيد من قيمة الموضوع وتحقق الغاية منه ـ إن شاء الله ـ. 7- يتم من خلال دراسة هذا الموضوع، دراسة الفكر الأصولي في عصور الإسلام الأولى التي تعتبر عصوراً ثرية علمياً، وبذلك نعرف التسلسل التأريخي لهذا العلم. أسباب اختيار الموضوع : أهم تلك الأسباب ما يأتي : 1- جدة الموضوع حيث لم يسبق أن جمعت المسائل الأصولية المنصوصة عن الإمام أحمد -رحمه الله – في رسالة جامعية، ومن ثم لم يمكن دراستها مجتمعة . 2- أن الإمام أحمد – رحمه الله – له مكانة علمية كبيرة فهو إمام المحدثين، وإمام مذهب مشهور في الفقه فكانت دراسة نصوصه الأصولية هامة جداً، إذ بها تعرف أقواله في أصول الفقه ويسهل الإلمام بمذهبه . 3- أهمية إفراد المسائل التي نص عليها الإمام لتتميز من الروايات المخرجة من أقواله في مسائل أخرى . ومن المعلوم أن بعض الكتب الأصولية تنقل عن الإمام أن له روايتين أو اكثر ولا تبين إن كانت هذه الرواية منصوصة أو لا . ولا شك أن الثقة في نسبة الأقوال في المسائل المنصوصة أقوى منه في المسائل المستنبطة. 4- إن البحث يجمع ميزتين: استقراء كتب الأصول الحنبلية، مع تحقيق هذه الروايات ودراستها . وهذه أهم الأسباب التي دعتني إلى اختيار هذا الموضوع عنواناً للرسالة. الدراسات السابقة : لم يسبق أن جمعت نصوص الإمام أحمد الأصولية في مؤلف مستقل كما ذكرت، ولكن توجد بعض الدراسات السابقة ذات العلاقة بموضوع البحث، منها: 1- الرسالة المقدمة من د. عبد الله بن عبد المحسن التركي وعنوانها: أصول مذهب الإمام أحمد. وهذه الرسالة تختلف عن بحثي المقدم بما يلي: 1- رسالة د. التركي مختصة بالأدلة، ورسالتي في غير مباحث الأدلة. 2- رسالتي خاصة بالإمام أحمد، بخلاف رسالته فهي للحنابلة. 3- رسالتي فيها استقصاء بخلاف رسالته. 4- رسالتي تعني بتحقيق صحة النسبة للإمام. 5- رسالتي خاصة بالروايات المنصوصة.