القضاء الضمني / إعداد داود بن محمد بن إبراهيم آل داود ؛ إشراف صالح بن عبد الله اللحيدان.
إن علم القضاء من أجل العلوم الشرعية, وأعزها مكاناً, وأشرفها ذكراً, فإنه العلم بكيفية القيام بالعدل بين الناس بالفصل في خصوماتهم وتطبيق شرع الله عليهم, والعلم بكيفية تحصيل الحقوق بما يرضي الله عز وجل. ولقد أوجب الله سبحانه وتعالى على الناس التحاكم إلى شرعه عند التنازع فيما بينهم, فعلى كل من هُضم حقه, أو اعتدي عليه, أو ظلم أن يلجأ إلى من يطبق شرع الله من قاض أو حاكم, وفرض على هذا سماعه, وأخذ الحق لـه إن تبين صدقه. فللناس حق التقاضي والمطالبة بحقوقهم, وعلى القاضي أو الحاكم واجب القضاء بينهم بالعدل الذي أمر الله به. والحكم القضائي هو النهاية الطبيعية لكل دعوى ترفع أمام القضاء, وهذا الحكم يتنوع بعدة اعتبارات, منها: تقسيم الحكم من حيث كونه مقصوداً (صريحاً) أو ضمنياً. فالحكم القضائي بهذا الاعتبار نوعان: أحدهما: الحكم الصريح. والثاني: الحكم الضمني (غير المقصود). أما النوع الأول فهو منطوق الحكم, أو ما من أجله أقيمت الدعوى, أو الخصومة. وأما النوع الثاني فليس مراداً من إصدار الحكم بالقصد الأول بل جاء ضمناً؛ مثال ذلك: إذا شهد الشهود على خصم غائب بحق معين, وذكروا اسمه, واسم أبيه, واسم جده, فحكم القاضي بذلك الحق على ذلك الخصم, فإنّ حكم القاضي يكون حكماً بالحق المحكوم به قصداً, وحكماً بنسب المحكوم عليه ضمناً. ومرادي بهذا البحث تجلية هذا النوع من الحكم ببيان صورته, وأمثلته, ومدى حجيته, وآثاره, والأحكام المتعلقة به تحت عنوان [القضاء الضمني].