وقد دعاني إلى اختيار هذا الموضوع ما يأتي : أولاً : أنه عند النظر في تلك الوسائل نجد أنه لم يتناولها بالبحث والتفصيل إلا المختصون بالقانون والأمور الجنائية حيث أسهموا بالكلام فيها من جهة بيان كنهها وطبيعتها ، وبيان دقتها ، وكيفية الاستفادة منها ونحو ذلك ، بينما نجد أن الكتابات الشرعية ـ التي تصف تلك الوسائل وتبين حكم الأخذ بها ابتداء ، أو الاعتماد عليها في مجال القضاء ، أو الاستفادة منها في الإثبات ـ كتابات قليلة وربما كانت غير شاملة لتجلية ذلك الأمر وتوضيحه ، لا سيما وأن القضاة في هذا العصر بحاجة إلى مثل هذه البحوث والدراسات التي تعينهم على تحقيق العدل وإشاعته بين الناس . ثانياً : الرغبة الجادة في تقديم عمل علمي يستفيد منه القضاة ـ على وجه الخصوص ـ وغيرهم من طلبة العلم ؛ ليكون بمثابة المفاتيح لغيره من الأمور المستحدثة والتي يفرضها التقدم العلمي المستمر . ثالثاً : التنبيه على عدم الاعتماد على نتائج بعض الوسائل المستخدمة في التحقيقات؛لمخالفتها لما هو مقرر في الشريعة ، ذلك أن بعض هذه الوسائل مستفاد مما توصلت إليه البلاد الغربية التي قد تبرر كل ما يؤدي إلى المطلوب ولو كان فيه ما فيه من المحاذير . رابعاً : السعي لإتمام ما بدأه بعض الباحثين في بيان أحكام القرائن ومدى إمكانية الاستفادة منها ، لا سيما وأن القرائن لا يمكن حصرها فهي متجددة مع مرور الزمن بسبب التطور العلمي والتقدم المهني . خامساً : أن هذا الموضوع أحد الموضوعات التي يسر الله لي دراستها في الفصل التمهيدي لمرحلة الدكتوراه ، وكنت المكلف ببحث بعض مسائله وجمع شيء من أطرافه،فوجدت فيه من المسائل ما يحتاج إلى مزيد بسط وإيضاح ، وأنه لا يمكن استيعابها من خلال صفحات تقدم في أسبوع أو أسبوعين ، فعقدت العزم على جعله موضوع أطروحتي للدكتوراه .