القصة الشعرية عند العقاد ( دراســة موضوعيــة فنية ) /
توطدت العلاقة بين الشعر والقصة ، منذ قديم الأزل ، ففي حضانة الشاعرية ، نعمت القصة بمهدها الأول فنمت وترعرعت وتفرعت أغصانها ، حتى ليمكن القول بأن نشوء القصة الفنية وتطورها يرجع إلى الملاحم الشعرية الأولى والمسرحية الشعرية . ولا غرابة في أن يتحقق هذا التعالق بين الفنين في شعر العقاد المجموع بين دفتي دواوينه العشرة ، حيث اتسعت آفاقه ، وتعددت موضوعاته ، وتنوعت مصادره . واستطاعت هذه الدراسة أن تلتقط خيوط النزعة القصصية في شعره ، وقد نسجت ملامحها من مرجعيات متنوعة ، فكان لها من التراث نصيبٌ وافرٌ بآثاره ومآثره وشخصياته ، ومن الأساطير بألوانها وأشكالها ، ومن الوطنية بقوميتها وحريتها ، ونهلت كذلك من معين العاطفة والوجدان ناسجة من خوالجه حللاً قصصية بديعة ، ونسجت من الحياة اليومية بتفصيلاتها وتجاربها النفسية والاجتماعية هالات قصصية تتلاءم وروح العصر وواقع المجتمع ، وتزيد في اتساع أفق الرؤية المشهدية والوصف المفصل . وإلى جانب ذلك تم رصد آليات التعبير القصصية التي تمت بها معالجة مرجعيات العقاد الشعرية ، وتصنيفها في مباحث فنية ، بدءًا من بيان العلاقة بين الذاتية والموضوعية في الشعر القصصي ، ومرورًا بإيضاح موقع الراوي ومستويات السرد ، ثم تتبع مستويات الحوار وأنماطه ، والتعقيب بكشف الحجب عن فنيات بناء الأحداث القصصية في نص العقاد ، وأخيرًا إيضاح الخصائص الفنية للقص الشعري عنده وذلك من خلال النسق الموسيقي ، والمعجم الشعري ، ومستويات الصورة ، وبيان الإمكانات اللغوية المتنوعة وأثرها في التلوين والتشكيل الشعري . ووصل البحث إلى النتائج التالية : لقد لجأ العقاد إلى القالب الشعري أداة للقص ، إذ يرى فيه مجالاً أكثر تكثيفًا ، وأقل شمولاً من النثر في التعبير الفني الشعوري ، واستطاع من خلاله استجلاء صور الحياة الاجتماعية ، ورصد تفصيلاتها المثيرة الحية بأسلوب فني يجذب اهتمام القارئ ، ويثير انتباهه .