التسليم لله ورسوله بين أهل السنة ومخالفيهم
(( التسليم لله ورسوله بين أهل السنة ومخالفيهم )) وذلك للأسباب الآتية: أسباب اختيار الموضوع: رغبت في تسجيل هذا الموضوع والكتابة فيه؛ لأسباب تتلخص فيما يلي: 1- أن التسليم المطلق لله-عز وجل- ولرسوله-صلى الله عليه وسلم- في الأوامر والنواهي والأخبار والأحكام، بل في كل ما جاء عن الله و عن رسوله-- هو أساس الإسلام وحقيقة الإيمان، وعنوان الاستقامة على دين الله-عزوجل-. يقول الإمام ابن القيم-رحمه الله-:(( … وبهذا يتبين أنه – أي: التسليم- من أجل مقامات الإيمان، وأعلى طرق الخاصة، وأن التسليم هو محض الصديقية التي هي بعد درجة النبوة، وأن أكمل الناس تسليماً: أكملهم صديقية))( ) وبهذا التسليم أيضاً يجتاز العبد الاختبار الحقيقي للعبودية الصادقة، التي لاتكون إلا بتمام الاستسلام لله-تعالى-وكمال الانقياد له ولرسله الكرام-عليهم الصلاة والسلام-. يقول ابن الجوزي-رحمه الله-:((ويظهر في التسليم جواهر الرجال، فإن تحقق التسليم باطنا وظاهراً فذلك شأن الكامل))( )، ويقول أيضاً:(( ليس المؤمن بالذي يؤدي فرائض العبادات صورة ويتجنب المحظورات فحسب!، إنما المؤمن هو الكامل الإيمان لا يختلج في قلبه اعتراض، ولا يساكن نفسه فيما يجري وسوسة، وكلما اشتد البلاء زاد إيمانه وقوي تسليمه، وقد يدعو فلا يرى للإجابة أثرا وسره لا يتغير؛ لأنه يعلم أنه مملوك وله مالك يتصرف بمقتضى إرادته، فإن اختلج في قلبه اعتراض خرج من العبودية إلى مقام المناظرة كما جرى لإبليس، والإيمان القوي يبين أثره عند قوة البلاء))( ) وعدمه أو التساهل فيه: باب من أبواب الإلحاد( )، وذريعة موصلة إلى شفا حفرة الزندقة( )والمروق من الدين بالكلية!!، فكان حرياً بما هذا شأنه أن تطرق مسائله، وتوضح للناس عامتهم والخاصة؛ كي يكونوا من دينهم على بصيرة. 2- شغف كثير من الناس بالوقوف على حِكَمِ التشريعات الإلهية، وأسرار الأوامر والنواهي الشرعية، وجعل إدراك ذلك شرطاً في الامتثال والانتهاء، ومداراً للتصديق والتكذيب، والقبول والرد، ولا سيما في هذا العصر الذي طغت فيه المادية على كثير من النفوس، فأصبح الإنسان يحاول تفسير كل شيء حواليه، تفسيراً ماديا محسوسا، والوقوف على حقيقته وتفاصيله، فإن حصل له ذلك صدَّق وأذعن وانقاد، وإلا فلا، ولو كان عن رب العالمين، أو عن رسوله المعصوم -صلى الله عليه وسلم-!!، وفي هذا المسلك من الخطورة على الدين ما فيه( ). 3- أن الشيطان لا ينفك يثير في النفوس بواعث الاعتراض، ويقوي فيها الرغبة في المعارضة، والامتناع عن التسليم لأوامر الله ونواهيه وأحكامه، ولا سيما عند ضعاف الإيمان، أو في أوقات ضعف النفس، وصدق الله العظيم إذ قال-عز وجل-: ﭽ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﭼ الأنعام: ١٢١ ولهذا كان هذا الأمر مزلة أقدام، ومضلة أفهام، وانقسم الناس فيه إلى ناجٍ؛ لانقياده وتسليمه لربه--، وهالك؛ باعتراضه ومعارضته، وامتناعه عن التسليم؛ تبعاً لهواه، وتزيين شيطانه. 4- أن طَرْقَ هذه المسألة وبيانها فيه تنويه وتنبيه على ميزة عظيمة، من أهم مميزات منهج أهل السنة والجماعة عما سواه من مناهج أهل البدع والأهواء،( )