الوظيفة الدعوية للترجمة : دراسة وصفية للترجمة
اللغة هي أداة التواصل بين البشر، وقد اختلف اللسان البشري باختلاف الأجناس والقوميات، وقد ظهر تعدد اللغات نتيجة ابتعاد البشر عن بعضهم البعض، فابتكرت كل مجموعة لغة تجمع بين أفرادها، ومع ازدياد أعداد البشر ظهرت الحاجة إلى وسيلة اتصال تربط بينهم، فظهرت عدة وسائل مختلفة ومتنوعة، بَيْدَ أن ترجمة وتعلم لغة الآخر كانت أبرز هذه الوسائل في التقريب بين تلك المجموعات ذات اللغات المختلفة. ومع ما للترجمة من أثر كبير في الوصل بين الحضارات المتباينة، انتبه المسلمون الأوائل لهذه الوسيلة بالغة الأهمية، فدرسوا اللغات المختلفة، وعمدوا إلى ترجمة الحضارات السابقة لينهلوا من علومها. ومنذ أن أسس الرسول -صلى الله عليه وسلم - دولة الإسلام الأولى، حثَّ أصحابه على تعلم اللغات الأخرى ""من تعلم لغة قوم أمن مكرهم""، كما أنه -صلى الله عليه وسلم - أمر زيد بن ثابت بتعلم اللغة السريانية، فتعلمها - رضي الله عنه - في أسبوعين، وكان يكتب إلى الملوك ويجيب بحضرة النبي -صلى الله عليه وسلم - وكان يترجم له بالفارسية والرومية والقبطية والحبشية، حيث تعلَّم ذلك بالمدينة من أهل هذه الألسن. وبدأت الترجمة الدعوية بهدف نشر الإسلام منذ ذلك الحين، فقد استعان رسول الله بأصحابه ممن يعرفون اللغات الأخرى – مثل سلمان الفارسي، وصهيب الرومي، وبلال الحبشي – بترجمة الرسائل التي تأتيه من الملوك والزعماء أمثال النجاشي والمقوقس وقيصر.