أنظمة تملك الثروات المعدنية : دراسة مقارنة
ملخص البحث : الحمـد لله الذي خلق لعباده ما في الأرض جميعاً، وسخرها لهم ليمشوا في مناكبها، وليأكلوا من رزقه وإليه النشور، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين، وإمام المرسلين، الهادي البشير، والسراج المنير، الذي بعثه الله رحمة للعالمين، وحجة على الخلائق أجمعين... أما بعد: فقد تحدث الفقهاء في القديم والحديث عن بعض عناية الإسلام بالمعادن وبينوا أحكامها، مسطورة في ثنايا كتبهم، ومبثوثة في طيات مؤلفاتهم، خاصة تلك التي تعنى بالمال والخراج والزكاة وإحياء الموات... وما يدور في فلك ذلك من المسائل والمباحث التي عُني بها الفقهاء. ومن هذا المنطلق كانت عناية الدولة السعودية بهذا الجانب، فسنَّت من الأنظمة ما يحقق الاستفادة مما تحويه الأرض من معادن، وجعلت لذلك من الضوابط والقيود ما يحقق الاستقرار ويلبي حاجة الأفراد، وهذه الأنظمة ما فتئت تتطور وتتجدد بين الفينة والأخرى؛ لتلبية حاجة المجتمع، ولتواكب تطوره، وكان من أواخر هذه الأنظمة صدوراً، نظام الاستثمار التعديني الصادر بالمرسوم الملكي رقم: (م/47) وتاريخ: 20/8/1425هـ، ليلبي الواقع الذي تعيشه الدول بعامة والمملكة بخاصة في ظل المتغيرات الجديدة التي صاحبت العولمة ونشوء منظمة التجارة العالمية، إذ المملكة ليست بمعزل عن بقية دول العالم، بل هي واحدة من أكثر الدول تأثيراً في الاقتصاد العالمي من حيث كونها أكبر مصدر للنفط في العالم، الذي يصنف ضمن الثروات الطبيعية التي تزخر بها أرض المملكة، والذي أثر تأثيراً كبيراً في هذه النهضة الشاملة التي تعيشها البلاد في كل جوانب الحياة. ولذا فإن دراسة هذا الموضوع والحديث عن اللوائح والأنظمة التي تتحدث عن التعدين والاستثمار فيه، مقارناً ما حواه النظام من مواد بما ذكره الفقهاء في تأصيل المسائل والحوادث المستجدة، لا سيما وأنه لم يسبق طرح هذا الموضوع - بعد سبر وتقصٍ قدر المستطاع - في دراسة علمية مؤصلة، وبالتالي فإن هذا الموضوع سيلبي حاجة ملحة، ويضع حلولاً عملية مدعمة بأدلة علمية، للمشكلات المتجددة المترتبة على الاستثمار في مجال التعدين، خصوصاً بعد اتجاه أنظار الكثيرين إلى الاستثمار المباشر وغير المباشر في المناجم وغيرها مما يزخر به باطن الأرض، مما يشكل ثروة لا يستهان بها للاعتماد عليها في تنويع مصادر الدخل، واستقطاب الاستثمارات الخارجية، في ظل منظومة اقتصادية، خاصة في إطار ما يسمى بمنظمة التجارة العالمية، وفي ظل العولمة التي يعيشها العالم خاصة في جوانبها الاقتصادية، ولكثرة الشركات التي تمارس تلك الأنشطة، وما تقوم عليه من استثمار أموال ضخمة في تكتلات اقتصادية تمثل مجموعة من الشركات المتعددة التي تنبثق عنها شركة واحدة وفق نظام الاندماج بين الشركات. أهداف الموضوع: يهدف طرح هذا الموضوع في رسالة علمية إلى تحقيق جملة من الأهداف والغايـات، التي يمكن الاقتصار على أبرزها في الآتي: [1] إيجاد دراسة متخصصة تمزج بين المباحث الفقهية، والقواعد النظامية في إطار دراسة علمية تأصيلية متكاملة وفق ما حواه نظام التعدين ولوائحه التنفيذية. [2] المساهمة في تهيئة البيئة الاقتصادية في المملكة لاستقطاب الاستثمارات الخارجية من خلال تسليط الضوء على النظم واللوائح التي تحكم تلك العلاقات المتبادلة وإيجاد الحلول العملية التي تستوعب ما قد ينجم عن تلك الاستثمارات من مشكلات وما قد يواجهها من صعوبات، خاصة وأن المملكة العربية السعودية ليست بمعزل عن بقية دول العالم، بعد انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية، مما يستدعي إيجاد الأنظمة التي تشجع الاستثمار وتحض عليه بإعطاء الضمانات الكفيلة بتلبية الاحتياجات الاستثمارية. [3] كونه لم يسبق دراسة الموضوع فيما أعلم في بحث علمي مؤصل، يجمع بين ما ورد في أنظمة التعدين وتطبيق القواعد الشرعية عليها، وما ورد مبثوثاً في مؤلفات الفقهاء مما كانت تستوعبه حاجة العصر في تلك الأزمنة. [4] أن التعدين واستغلال الثروات وما تزخر به الأرض من كنوز وخيرات يمثل مصدراً مهماً من مصادر الدخل في المملكة، التي ما فتئت تعتمد في أغلب صادراتها على البترول ومشتقاته من الصناعات التحويلية خاصة في السنوات الأخيرة التي بدأت الأنظار فيها تتجه للاستثمار في الصناعات البتروكيميائية، ومشتقات صناعة النفط؛ لزيادة مصادر الدخل. [5] النهج الذي سار ولا يزال يسير عليه المعهد العالي للقضاء من خلال استيعاب كافة الأنظمة - التي تصدرها الدولة - بالدراسات الشرعية التأصيلية التي تبرز تمسك هذه الدولة بشرع الله فيما تصدره من الأنظمة واللوائح التي تسوس بها البلاد والعباد، وكل ذلك يستدعي استيعاب ما صدر وما يصدر من هذه الأنظمة في البحوث المتخصصة التي يعنى بها الباحثون في الدراسات العليا، ومن ذلك أنظمة التعدين وما يلحق بها من لوائح وقرارات.