أوقاف الحرمين الشريفين في العصر المملوكي دراسة تاريخية وثائقية حضارية /
ملخص الرسالة : يستمد البحث أهميته من أهمية الحرمين الشريفين، وما يميزهما عن سواهما من سائر المساجد الإسلامية، ومالهما من مكانة في قلوب المسلمين عامة، فكل ما يتعلق بالحرمين الشريفين له أهمية كبيرة، ومن ذلك الأوقاف عليهما، وهو موضوع البحث. ودراسة الوقف في ضوء وثائقه، تلقي – بلا شك – أضواء على هذا النظام، وعلى مجتمعي مكة والمدينة، وأهاليهما، والوافدين إليهما، في تلك الفترة، وبذلك يتمكن الدارس من الحصول على المعلومات التي لا توجد في مصادر التاريخ المألوفة، المطبوعة منها أو المخطوطة عن العصر المملوكي. وتقدّم الحجج الوقفية معلومات قـيّمة تفيد كثيرا في معرفة أحوال الناس، ومدى تمسكهم بالدين الحنيف، وهي صورة صادقة للأحوال الاجتماعية والاقتصادية والعلمية في دولة المماليك. وهذه الوثائق احتاجت إلى مثابرة في الحصول عليها، وهي في معظمها تنشر لأول مرة، تقدم للدارسين معلومات مفصلة عن الوظائف المختلفة في ذلك العصر، المتعلقة بالأوقاف، وعن مهمة كل موظف في المدرسة، أو السبيل ، أو المكتب، أو ""البيمارستان"" ، أو الرباط، وشروط تعيين العاملين ومرتباتهم وإجازاتهم، وغير ذلك مما لا تسعفنا به المصادر الأخرى، كما أنها تعرّف بالوظائف العامة في الدولة، العسكرية منها والإدارية والفنية. والخاصة بأمير الحج وما يتبعه من وظائف. وبالوثائق الوقفية معلومات عن النقود التي كانت متداولة في تلك الفترة، وعن أسعار العقارات والأراضي، وأحوال الأفراد في تعاملهم الشخصي، وفي طريقة فض منازعاتهم. وتعدّ حجج الوقف مصدراً في دراسة تخطيط المدن، وجغرافية البلاد والأقاليم، من خلال وصفها الدقيق للعمارات الدينية والمدنية، والطرق والآبار والبرك والمحطات والمسافات، والقرى والمساحات التي تشملها الأوقاف. هذه الثمرات الطيبة للاعتماد على الوثائق في دراسة تلك الفترة، تستحق من الباحثين عناية فائقة، لأداء جزء من حق هذه البلاد المقدسة العزيزة على الجميع، وفي إخراج الحجج إلى حيز الوجود، وإتاحة الفرصة لها كي ترى النور، فائدة كبيرة يجب بذل الجهد من أجْلها، وتحمل الصعاب والمشقات في التنقيب عنها ونشرها. وهذا ما دعا إلى تتبع هذه المجموعة النادرة من الوثائق النفيسة