دراسة ترجيحات الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله من باب الجمعة إلى نهاية كتاب الزكاة مقارنة بما استقر عليه المذهب الحنبلي
وبعد أن حط القلم رحاله وانتهى تطوافه يطيب لي أن أبين النتائج التالية والتي توصلت إليها من خلال البحث: أولاً: بلغ عدد اختيارات الشيخ محمد العثيمين رحمه الله من أبواب صلاة الجمعة إلى نهاية كتاب الزكاة خمسة وتسعين اختياراً ، على حسب ما وقفت عليه وهي موزعة على الأبواب كالتالي: باب صلاة الجمعة ويشتمل على عشرين اختيارا ً، وباب صلاة العيدين ويشتمل على أثني عشر اختياراً ، وباب صلاة الكسوف ويشتمل على خمسة اختيارات وباب صلاة الاستسقاء ويشتمل على خمسة اختيارات ، وكتاب صلاة الجنائز ويشتمل على تسعة وعشرين اختيارا ، وكتاب الزكاة يشتمل على أربعة وعشرين اختياراً. ثانياً: بلغ عدد اختيارات الشيخ رحمه الله والتي وافق فيها رواية في المذهب: ستة وثلاثين اختياراً. وبلغ عدد اختيارات الشيخ رحمه الله التي وافق فيها مذهب الحنفية ، سبعة وعشرين اختياراً ، وبلغ عدد اختيارات الشيخ رحمه الله والتي وافق فيها مذهب المالكية:سبعة وعشرين اختياراً ، وبلغ عدد اختيارات الشيخ رحمه الله والتي وافق فيها مذهب الشافعية: تسعة وعشرين اختياراً ، وبلغ عدد الاختيارات التي تفرد بها الشيخ رحمه الله ولم يوافق فيها مذهباً من المذاهب الأربعة ثمانية وعشرين اختياراً ، وبلغ عدد الاختيارات التي وافقت فيها الشيخ محمد العثيمين رحمه الله ثمانية وسبعين اختيارا ، وبلغ عدد الاختيارات التي خالفته فيها سبعة عشر اختيارا. ثالثاً: تتجلى فوائد دراسة اختيارات عالم من العلماء في عدة أمور منها: أ - إظهار سعة علم الشيخ وبيان علو كعبه, ورفعة منزلته ، وشدة رسوخه في العلم وسعة إطلاعه وبعد نظره واتساع أفقه. ب - معرفة الآراء الشاذة والضعيفة والمطرحة في المذهب , والتي تكون مشهورة ومفتى بها وعليها التعويل فتطرح وتترك إن علم ضعفها. ج - معرفة أقوال المذاهب الأخرى والإطلاع عليها ، ومعرفة أدلتهم وأوجه دلالتها ومدى قوتها وضعفها. رابعاً: من خلال دراسة اختيارات الشيخ محمد العثيمين رحمه الله يتبين منهجه الفقهي في دراسة الأحكام وهو يتميز بما يلي. أ - ظهور تعظيم الشيخ رحمه الله وتبجيله للنصوص الشرعية الصحيحة ، ووقوفه عند دلالتها ولو كان مخالفاً للأكثر من أهل العلم ,وذلك مثل اختياره في حكم صلاة العيد وزكاة الحلي المعد للاستعمال ، واشتراط حضور الأربعين في صلاة الجمعة بل وحتى في المسائل التي لا يعرف له فيها موافق على وجه التحديد مثل اختياره في حكم صلاة الكسوف. ب - يتضح أيضاً من خلال الدراسة أن الشيخ رحمه الله لا يحشد الأدلة الضعيفة والقوية للقول الذي يميل إليه ، ولا يستطرد كثيراً في ذكر أوجه الدلالة بل يذكر في الجملة دليلاً واحد نقلياً وعقلياً إن تيسر ، ويكون هذا الدليل في الجملة لا مدخل عليه بوجه من الوجوه ويكتفي به حيث يختار أقوى الأدلة للاستدلال. ج - من عدل الشيخ رحمه الله وإنصافه أنه يذكر أدلة وأوجهاً لم يذكرها الخصم هي أقوى من أدلة الخصم المذكورة في كتب المذاهب. د - في الغالب أن اختيارات الشيخ رحمه الله تكون في الجملة رواية من روايات المذهب. هـ – يعرف كثير من طلبة العلم تأثر الشيخ العثيمين رحمه الله بآراء شيخ الإسلام وابن القيم وتبين لي من خلال البحث وضوح تأثر الشيخ رحمه الله بمنهج الشوكاني في الاستدلال ومناقشة الأدلة ونقله بعض عباراته نصا ,وتواطؤ التعبير بنفس الألفاظ ، وذلك من خلال كتابي الشوكاني رحمه الله:نيل الأوطار والسيل الجرار. و - يحرص الشيخ رحمه الله كثيراً على أن يذكر الحكم الشرعي وأدلته ثم يردفه بذكر الحكمة والفائدة من الحكم ، وذلك ليطمئن قلب المستمع وليعلم أن مبنى الشرع على جلب المصالح وتكثيرها ودرء المفاسد وتقليلها . ز – لا يحرص الشيخ رحمه الله في الجملة على عزو الأقوال الأخرى إلى أصحاب المذاهب بل يكتفي بالإشارة إلى أن في المسألة قولاً آخر ، وتبيين الراجح منهما. وفيما ندر من المسائل وقل يشير الشيخ رحمه الله إلى أقوال المذاهب الأخرى. خامساً : تعرف اختيارات الشيخ رحمه الله وترجيحاته بعدة أمور منها: أ - أن ينص الشيخ رحمه الله على ضعف رأي المذهب وصحة الرأي الآخر وقوته ووجاهته ويصرح باختياره واطمئنانه ، لهذا القول وترجيحه له فيعتبر هذا القول اختيارا له. ب - أن ينص الشيخ رحمه الله على ضعف رأي المذهب ويرد عليه ويذكر الرأي الآخر مقابل القول الضعيف ، ففي هذه الحال يعتبر هذا القول اختيارا وترجيحا له رحمه الله. ج - أن لا ينص الشيخ رحمه الله على ضعف قول المذهب ، لكنه يذكر القول الآخر مقابلاً له ولا يعتبر هذا القول اختياراً له إلا بقرينة. د - أن لا ينص الشيخ رحمه الله على ضعف قول المذهب ، لكنه يذكر القول الآخر وأدلته وقوته ووجاهته فهذا القول يعتبر اختيارا للشيخ رحمه الله. إلى هنا انتهى ما رقمه بنان العبد الضعيف ,سائلا الله عز وجل القبول والتوفيق , فما أصبت فمن الله وحده وما أخطأت فمن نفسي والشيطان , وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.