جعفر البيتي : حياته وأدبه / إعداد سالم بن وصيل بن معتق السميري ؛ إشراف محمد بن سعد بن حسين.
لقد حظي الحجاز باهتمام الدارسين قديماً وحديثاً ، حيث أخذ الجغرافيُّون العرب والمؤرخون في تحديد موقع الحجاز تحديداً دقيقاً ، وتعددت آراؤهم في ذلك ؛ فمنهم من رأى أن حدود الحجاز من تخوم صنعاء من العبلاء وتبالة إلى تخوم الشام ؛ ومنهم من رأى أنّ ما سال من ذات عرقٍ مغرِّباً فهو الحجازُ إلى أن تقطعه تهامة ؛ وهو حجاز أسود يحجز بين نجدٍ وتهامة ... وغير ذلك من أقوالهم( ) . ولم يقف اهتمام الدارسين عند هذا التحديد بل تجاوزه إلى الحديث عن جبال الحجاز وأوديته وقبائله ومدنه التي يأتي في طليعتها مكة – شرّفها الله – والمدينة المنورة على ساكنها أفضلُ الصلاة والسلام ، كما تحدثوا عن أعلام الحجاز وأشهر رجالاته عبر أطواره التاريخية . وهذا الاهتمام من الباحثين قديماً وحديثاً عرب وعجم يرجعُ إلى المكانة الروحية التي حظي بها الحجاز ، وبخاصة مكة المكرمة والمدينة المنورة ؛ فمنهما أشرقت تباشير الإسلام الأولى ، كما أنّ فيهما المقدسات الإسلامية والمشاعر المعظمة ، ويرجعُ الاهتمام بالحجاز – أيضاً – للمكانة السياسية التي يحظى بها حكام الحجاز بين الناس ، إذ حُكْمُ تلك الأماكن الطاهرة يكسب حاكمهَا شرعيةً واحتراماً من الرعية ، كما أنّ الحجاز يمثل ثقلاً اقتصادياً في بلاد العرب قديماً وحديثاً ؛ فهو بمثابة السوق الرائجة والتي تجلب إليه السلعُ من كافة أرجاء المعمورة ؛ بفضل الله – سبحانه وتعالى –