تهدف هذه الدراسة عن جرائم الأحداث في منطقة الرياض إلى الإسهام في معالجة إحدى المشكلات التي تواجه المجتمع السعودي من منظور جغرافي ، ويركز المنهج الجغرافي على الجوانب المكانية لحركة الجريمة وليس على المجرم فحسب من حيث مكان وقوع الجريمة والخصائص والعلاقات المكانية المختلفة للجريمة ، والاختلافات المكانية في توزيع وحجم وأنماط جرائم الأحداث في منطقة الرياض . وقد تم في البداية التعريف بموضوع الدراسة وأهميتها وأبعادها المكانية والزمنية وإطارها النظري ، وجرى استعراض أهم النظريات المكانية المفسرة للجريمة من وجهة النظر الجغرافية ، كما تم إجراء مراجعة شاملة لمعظم الدراسات والأبحاث التي تمت عن جرائم أو انحراف الأحداث خاصة ما تناول منها منطقة الدراسة ، وكذلك الدراسات الجغرافية للجريمة في المملكة العربية السعودية وفي الدول العربية وبعض الدراسات الأجنبية ذات العلاقة بموضوع الدراسة . واعتمد الباحث في دراسته على المعلومات المستمدة من الدراسة الميدانية ومن بيانات مركز أبحاث مكافحة الجريمة الإحصائية التابع لوزارة الداخلية عن وقوعات جرائم الأحداث لمدة زمنية تمتد إلى عشر سنوات ، بهدف إعطاء الدراسة بعداً زمنياً مناسباً للتعرف على تطور الظاهرة واستقراء تاريخها واتجاهها المستقبلي ، بالإضافة إلى بيانات التعداد العام للسكان والمساكن لعام 1413هـ ، والبيانات الإحصائية عن سكان مدينة الرياض وخصائصهم الديمغرافية والاقتصادية والاجتماعية ، وكذلك عن استخدامات الأرض في أحياء مدينة الرياض . وبعد تصنيف جرائم الأحداث ودراسة خصائص أفراد العينة العامة والخصائص الديموغرافية والتعليمية والاجتماعية والمكانية والزمنية ، جرى توزيع نسب ومعدلات الأحداث الجناة على مدينة الرياض ومحافظات المنطقة وعلى أحياء مدينة الرياض البلدية ، وتوزيع معدلات ونسب الأحداث الجناة على أحياء مدينة الرياض الفرعية حسب البيانات الإحصائية ، وعمل الجداول الأولية والجداول التكرارية الزمنية والمكانية ، كما تم استخراج المعدلات ومقاييس النزعة المركزية ورسم الأشكال البيانية وخرائط التوزيعات المختلفة لتوضيح الظاهرة ووصف وإيضاح مدلولاتها واتجاهاتها الحالية والمستقبلية ، وتحليل البيانات الإحصائية باستخدام الأساليب الكمية المناسبة لدراسة توزيع جرائم الأحداث المكاني وأنماطها وتركيبها الداخلي ، وعلاقتها بالعديد من العوامل والمتغيرات البيئية المختلفة المؤثرة فيها والكامنة وراء ذلك التوزيع . وقد توصلت الدراسة إلى العديد من النتائج المكانية والديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية والزمنية وبعض النتائج العامة البارزة ، حيث تبين أن الأحداث الجناة الذين يسكنون في منطقة الرياض هم من يرتكب الجريمة فيها ، وأن الأحداث الجناة أفراد العينة يرتكبون جرائمهم في المدن والمحافظات التي يسكنون فيها ، وأن المحافظات التي لا يسكن فيها الأحداث الجناة أفراد العينة تخلو من وقوع جرائم الأحداث ، وأن معظم أفراد العينة قد ارتكبوا جرائمهم في الأحياء التي يسكنون فيها أو في الأحياء المجاورة لها. وأكثر الجرائم التي ارتكبها أفراد العينة شيوعاً جرائم السرقة ثم الجرائم الأخلاقية ، كما اتضح أن جرائم الأحداث تتميز بالطابع الجماعي بصفة عامة ، وخصوصاً في ارتكاب جرائم السرقة والجرائم الأخلاقية ، وعلى الرغم من ذلك إلا أن جرائم الأحداث في منطقة الرياض تفتقر إلى التخطيط المسبق والعمل المنظم وتعتمد على انتهاز الفرص في معظم الحالات. ومن نتائج الدراسة المهمة تبين بعد فحص واختبار فرضيات الدراسة عدم انطباق الفرضية القائلة بأن الجرائم تتركز في وسط المدينة وتتناقص نحو الأطراف على جرائم الأحداث في مدينة الرياض ، حيث اتضح أن جرائم الأحداث أفراد العينة لا تتركز في وسط مدينة الرياض ولا تتناقص نحو الأطراف ولا يوجد علاقة بين توزيع نسب ومعدلات جرائم الأحداث في أحياء مدينة الرياض والبعد عن مركز المدينة (حي الديرة ) ، ويسود النمط العشوائي توزيع الظاهرة . كما تبين صحة وانطباق الفرضية الثانية التي تشير إلى وجود علاقة بين مكان سكن الحدث الجاني ومكان ارتكاب الجريمة وأن رحلة الأحداث إلى ارتكاب الجريمة تتميز بقصر المسافة على عينة الدراسة ، حيث أثبتت الدراسة أن هناك علاقة إيجابية قوية بين مكان سكن الحدث الجاني ومكان ارتكاب الجريمة ، وأن معظم الأحداث يرتكبون جرائمهم في مكان إقامتهم أو بالقرب منه ، وأن رحلة الأحداث إلى ارتكاب الجريمة قصيرة لا تزيد عن نصف كيلومتر لما يقارب نصف أفراد العينة ، ولا تزيد عن ( 1كم ) لما يصل إلى ثلاثة أرباع أفراد العينة . كما تبين عدم انطباق الفرضية الثالثة التي تفيد بأن طول رحلة الجريمة يختلف باختلاف نوع الجريمة وأن لكل نوع من أنواع الجريمة رحلة خاصة بها على رحلة الأحداث أفراد العينة لارتكاب الجريمة ، حيث تبين أنه لا يوجد اختلاف في طول الرحلة إلى ارتكاب الجريمة باختلاف نوع الجريمة في رحلة الأحداث بمنطقة الرياض إلى ارتكاب الجريمة . كما أثبتت الدراسة انطباق فرضية تباين توزيع معدلات وأنماط جرائم الأحداث حسب التباين المكاني في استخدامات الأرض في أحياء مدينة الرياض البلدية ، وأن هناك العديد من أنماط استخدامات الأرض المؤثرة في معدلات جرائم الأحداث.