فإن طلب العلوم الشرعية والترقي في مدارجها، من أحق ما سهرت له الأعين، وبذلت فيه الأعمار، وإن أنفع هذه العلوم –بعد الاعتقاد الصحيح- معرفة الأحكام الفقهية التي طلبها رب العالمين من عموم المكلفين، وهي متوقفة على الرجوع إلى مظان تلك الأحكام من نصوص الكتاب والسنة، والتي تحتاج إلى جودة نظر، وحسن ملكة، ومعرفة بوجوه دلالات النصوص، وطرق الترجيح بينها عند التعارض.وهذا –حقيقة- صعب المنال إلا على من وفقه الله –تعالى- وجلَّى الحق أمام ناظريه، وتغلغل في علم أصول الفقه، ونهل من مناهله الصافية. يقول الإمام الشوكاني –رحمه الله تعالى-: « ... وعليه أن يطول الباع فيه (أي علم أصول الفقه) ويطلع على مختصراته ومطولاته، بما تبلغ به طاقته، فإن هذا العلم عماد فسطاط الاجتهاد( )، وأساسه الذي تقوم عليه أركان بنائه » ( )ا.هـ. وإن من نعم الله تعالى علي وتوفيقه، أن حبَّب إليَّ العلوم الشرعية، ويسَّر لي طلبها، فأتممت دراستي الجامعية الأولى في قسم القضاء، ثم يسر لي الالتحاق بالدراسات العليا الشرعية، والتي تتطلب القيام بعمل علمي رصين، يعدُّ بحثاً لإتمام هذه المرحله