أهميةُ الموضوعِ: تَبرُزُ أهميةُ الموضوعِ مِن خِلالِ عدَّةِ أمورٍ منها: 1- ما سَبَق ذِكْرُه مِن بَيَان عَداوةِ الشَّيطانِ القديمةِ لبني آدمَ، وهذه العداوةُ مستمرةٌ لا تزولُ، ولا تضمحلُّ، ومنشأها أصلُه الخبيثُ ونَفْسُهُُ المنطويةُ على الحقدِ والحسدِ والكِبرِ، فهو يرى أن بني آدمَ سببُ شقائِه وزوالِ نعمتِه، ( ) . وفي حديثِ أبيِ سعيد الخُدْري – رضي الله عنه – عن النبي × قال: (إنَّ إبليسَ قال: وعزتكِ لا أبرحُ أغوي بني آدمَ مادامتْ الأرواحُ فيهم، فقال لـه ربُّهُ عز وجلَّ: فبعزتي وجلالي لا أبرحُ أغفرُ لهم ما استغفروني) ( ) . فهو عدُوُ محاربٌ، ينبغي مواجهتهُ بكل ما نملك من قوى. 2- إن هذا العدوَّ له مداخلُ على النفسِ الإنسانية، وطرقُ إغراءٍ واستدراجٌ لا يتنبه لها كثيرٌ من الناسِ، فلابد من معرفتِهَا وتوضِيحِها وفضحِها ليتمَّ صدُّها وإبطالُها، قال ابنُ الجوزي – رحمه اللهُ – في تلبيسِ إبليسِ: «وفتنُ الشيطانِ ومكايـِدُه كثيرةٌ في غصونِ هذا الكتاب .. ولكثرةِ فتنِ الشيطانِ وتشبثها بالقلوب عزتُ السلامةُ فإن من يدعُ إلى ما يحثُ علَيه الطبع كمدادِ سفينةِ مِنحدرةٍ فيا سرعةَ انحدرِاها .. » ( ) ا.هـ. فهو محيطٌ بالعبدِ من جميع جوانِـبهِ، قال تعالى: 3- شدةُ الفتنةِ بالشيطانِ حتى إنه ليشَارِكُ في فتنة المسيحِ الدجالِ فيتمثَّلُ في صورةِ الأبِ والأمِ ليأمر باتباعِ الدجالِ كما سيأتي( ) فلابد من إبرازِ موضوع الشيطانِ في صورة واقعيةٍ ملموسةٍ، حتى يُدرك خطرُهُ وتنكشف مكايدُه، فهو من أشد من اليهودِ والنصارى وسائرِ الكفرةِ، فهو الرأسُ المدبرُ والطاغوتُ الخفيُّ الذي يواصلُ سعَيه الدؤوبَ لمحوِ وإزالةِ دينِ اللهِ وتوحيدِه من الأرضِ. وفي الصحيح (إنَّ في البحرِ شياطين مسجونةً أوثقها سليمانُ يوشِكُ أنْ تخرجَ فتقرأَ على الناسِ قَرآناً) ( ) . 4- إبرازُ خطرِهِ على المجتمعِ الإسلاميِّ والأمةِ المسلمةِ، فليسَ خطرُهُ قاصراً على نطاقٍ فرديٍّ يتمُ التحرزُ منه ودفعُهُ بالزادِ الإيمانيِّ عند الفردِ، بلْ لابدَ معَ ذلكَ من محاربتهِ ومواجهتِهِ بشكلٍ جماعيٍّ، فما من شرٍ في هذا العالمِ إلا هو سبَبُهُ، قال ابنُ القيمِ – رحمَه اللهُ – : «ولا يمكنُ حصرُ أجناسِ شرِهِ، فضلاً عن آحادِهَا، إذ كُل شرِ في العالِم فهو السببٌ فيه» ( ) ا.هـ. وقد ركزتُ - بحسبِ تخصصي - على جانبِ العقيدةِ، وإن كانَ لوازمُ البحث جعلتني أتطرقُ لكثيرٍ من الجوانبِ الأخرى ولو بالإشارةِ. 5- ضرورةُ التأصيلِ الشرعيِّ للتصورِ الغيبيِّ لقضايا الجنِ والشياطينِ خصوصاً مع كثرةِ الخوضِ فيها ما بين مصيبٍ ومخطئٍ، ومؤمنٍ ومُنكرٍ. 6- إنه يَرانَا ولا نراهُ غالباً, ولهذا عُظمَ خطرُهُ واستفْحَلَ شرُهُ، لأن العدوَّ الذي تراهُ تستطيعُ دَفْعَهُ ومقاومَتَهُ، وأما العدوُ الخفيَّ فقد تغفلُ عن التحذر مِنهُ، وقدْ يباغِتُكَ على حينِ غفلةٍ وفي حالةِ ضعفٍ، ولهذا أمرنا اللهُ تعالى بالاستعاذةِ منه قال سبحانه:            ( ) . 7- إن مكايدَ الشيطانِ كانتْ السببَ في إفسادِ عقائدِ الأممِ وانحرافِهَا عن التوحيدِ الخالصِ قديماً وحديثاً. أسبابُ اختياري لهذا الموضوعِ: 1- ما بنيتُه في أهميةِ الموضوعِ من شِدةِ خطرِ هذا العدوِ، وخفاءِ مكايدِهِ، فرأيتُ أن أتناولَ هذا الموضوع، وأوضحَهُ إذ معرفةُ الشرِ سببٌ لاجتنابهِ وتحذيرٌ من الوقوعِ فيه، كما كان حذيفةُ – رضي الله عنه – يقول: (كان الناسُ يسألونَ رسولَ اللهِ × عن الخيِر، وكنتُ أسألهُ عن الشرِ مخافةَ أن يُدْركَني ...) ( ) الحديثُ. 2- إن هذا الموضوعَ بحاجةٍ إلى ضمِ جوانبـِهِ، وجمعِ مُتَفَرِقِه، إذ قد أُلِّفتْ فيه المؤلفاتُ الكثيرةُ قديماً وحديثاً، ومن هذه المؤلفاتِ: إغاثةُ اللهفانِ من مصايدِ الشيطانِ لابن القيمِّ، تلبيسُ إبليسَ لابنِ الجوزيِّ، مصائبُ الإنسان من مكايدِ الشيطانِ لابن مفلحِ الحنبلي، مكايدُ الشيطانِ لابن أبي الدنيا، مكايد الشيطانِ للعفيفي، الإنسانُ والشَيطانُ لفاروق الدسوقي، الحربُ على الشيطانِ لمصلح محمد، مصايدُ الشيطانِ وذم الهوى لابن غانٍم، وقاية الإنسانِ من الجنِ والشيطانِ لوحيد عبدالسلام بالي، مقامعُ الشيطانِ لسليم الهلالي، سلاحُ اليقظانِ للشيخِ عبدالعزيز بن محمد السلمان، عالمُ الجنِ والشياطينِ د. عمر الأشقر، البيانُ في مداخلِ الشَيطانِ لعبدالحميدِ البلالي، مكايدُ الشيطانِ لعباد الرحمنِ وطرقُ الوقايةِ منها سلمان نصيف الدحدوح، الصحيحُ الجامعُ لأخبار الجنِ والشيطانِ لوائل بن السعيد آل درويش، المواجهةُ والصراعُ مع الشيطانِ وحزبهِ تأليفُ الأستاذِ حسن قطامش، وهناك رسائلُ جامعيةٌ تناولتْ هذا الموضوعَ ومنها: - الأحاديثُ الواردةُ في الشيطانِ ومكايدِهِ والوقايةِ منه جمعاً وتخريجاً ودراسة د. إلهام بنت بدر الجابري، رسالةُ دكتوراه، جامعةُ الإمام – كليةُ أصولِ الدين. - وقد جمعت الباحثة الأحاديث الواردة في الشيطان ودرست إسنادها بشكل مفصل ونقلت أقوال العلماء في الحكم على الحديث قديماً وحديثاً ورجحت ما ترى من الأقوال. - دراسةٌ عقديةٌ لإبليسَ ومعتقداتِ الفرقِ الضالةِ فيه للباحث محمد بن سليمان المفدى، رسالة ماجستير، جامعة الملك سعود.