وإن من تلك الآثار كتاب المدونة ، الذي هو أصل كتب المالكية بعد الموطأ ، والذي تتابع العلماء عليه اختصاراً، وتهذيباً، وشرحاً، وتعليقاً، ولعلّ من أهم الشّروح لهذا الكتاب ما دونه الرجراجي في شرحه الّذى سمّاه : ""مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل"" ؛ لما يتميّز به مؤلف هذا الكتاب من علم بارع في شتّى العلوم كاللّغة ، والفقه ، والحديث ، مع ما أعطاه الله من الفهم والاستنباط ، يظهر لقارئ هذا الشّرح ، حيث جمع بين الدّليل والتّعليل، وبين المدرسة المغربية والّتي من علمائها : ابن القاسم ، وأشهب ، وابن عبد الحكم ، وسحنون ، واللّخمي ، والمازري وأمثالهم، والمدرسة المشرقية ، والّتي من علمائها : ابن الجلاب ، والقاضي إسماعيل ، وابن الفرج ، وأبي بكر الأبهري ، والقاضي عبد الوهاب البغدادي ، والقاضي أبي الحسن القصار وأمثالهم ، ممّا جعل الفقهاء الّذين جاءوا من بعده ينقلون عنه ، ويعتمدون أقواله ، وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.