مسائل الإمام أبي حنيفة برواية الحسن بن زيادفي (غير العبادات) جمعاً ودراسة /
أهمية الموضوع : يعتبر الحسن بن زياد من أشهر تلامذة الإمام أبي حنيفة ، وكان عارفاً لآراء شيخه، وأحد المكثرين في الرواية عنه( ) ، والناظر في كتب المذهب الحنفي يرى من النقول الكثيرة لهذا لإمام عن الإمام أبي حنيفة الشيء الكثير، وقد اختار هذه المرويات كثير من علماء المذهب للفتوى بها( ) ، ولما كانت مغمورة في بطون الكتب ، ومبعثرة في ثناياها ،كانت الحاجة إلى جمعها ودراستها في سفر واحد ليسهل الرجوع إليها ، والاستفادة منها إن شاء الله ، وتكمن أهمية هذه المرويات بأنها كثيراً ما توافق أراء جمهور العلماء أو بعضهم( ) ، وبهذا يرد على الدعوى بأن الحنفية كثيراً ما يخالفون الجمهور، كما فيه رد على بعض المنتسبين إلى المذهب الذين لا يعرفون من آراء الإمام في كثير من المسائل إلا قولاً واحداً، ويتعصبون له تعصباً شديداً ، ويرون المخالف له خارجاً عن المذهب ، والحال أن له ولأصحابه الكبار أقوالاً أخرى في هذه المسائل، وفي هذا يقول العلامة عبد الحي اللكنوي( ) -رحمه الله- : "" تفرق الناس من قديم الزمان إلى هذه الأوان في هذا الباب إلى فريقين : فطائفة قد تعصبوا في الحنفية تعصباً شديداً، والتزموا بما في الفتاوى التزاماً سديداً، وإن وجدوا حديثاً صحيحاً أو أثراً صريحاً على خلافه، وزعموا أنه لو كان هذا الحديث صحيحاً لأخذ به صاحب المذهب، ولم يحكم بخلافه ، وهذا جهل منهم بما روته الثقات عن أبي حنيفة من تقديم الأحاديث والآثار على أقواله الشريفة ، فترك ما خالف الحديث الصحيح رأي سديد، وهو عين تقليد الإمام لا ترك التقليد ، وطائفة زعموا أن الإمام قاس على خلاف الأخبار، وهجر ما ورد به الشرع والآثار، فظنوا في حقـه ظنونا سيئة ، واعتقدوا عقائد قبيحة، ومطالعة "" الميزان "" ( ) لهم نافع ، ولأوهامهم دافع، فليتخذ العاقل مسلك البين ، ويهجر طريقة الطائفتين "" ( ) . وكان من شدة ورع الإمام أبي حنيفة -رحمه الله - أنه كان يدعو تلاميذه أن يأخذوا بما يتجه إليه الدليل ، حيث قال في هذا الباب:"" لا يحل لأحـد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه "" ( ) وفي رواية عنه : "" حرام على منْ لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي "" وقال لأبي يوسف: "" ويحك يا يعقوب لا تكتب كل ما تسمع مني، فإني قد أرى اليوم وأتركه غدا، وأرى الرأي غداً وأتركه بعد غد "" ( ) . ولما كانت مسائل الإمام أبي حنيفة برواية الحسن بن زياد بهذه المثابة، قام الأخ شوكت بجمع ودراسة هذه المرويات في قسم العبادات في رسالته للدكتوراه ، وقمت بإكمال جمع ودراسة هذا الموضوع في غير العبادات ، لتكمل الفائدة المرجوة منه إن شاء الله ، واخترت هذا الموضوع ليكون رسالتي لمرحلة الدكتوراه، وسميته: بـ ( مسائل الإمام أبي حنيفة برواية الحسن بن زياد في غير العبادات، جمعا ودراسة ) . لعل الله أن ينفع به . أسباب اختيار الموضوع : إن أهم الأسباب التي دفعتني إلى اختيار هذا الموضوع تتلخص في الآتي : أولاً : مكانة الإمام أبي حنيفة -رحمه الله- العلمية في العالم الإسلامي وشهرته بالفقه وغوامضه ؛ لأن الناس عيال عليه في ذلك ، كما قال الإمام الشافعي( ) في حقه، فدراسة أرائه الفقهية مما يساعد على بناء الناحية العلمية لدى الباحث . ثانياً : يعتبر الحسن بن زياد من أشهر تلامذة الإمام أبي حنيفة -رحمه الله- ومن المكثرين عنه رواية ، وكان عالما برواياته( ) ، فأحببت أن أدرس مروياته الفقهية عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله . ثالثاً : إن مرويات الحسن بن زياد عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله في غير العبادات ـ على كثرتها ـ لم تجمع في مكان واحد حسب علمي ، بل مازالت مبثوثة في ثنايا كتب المذهب الحنفي ، وفي جمعها في سفر واحد ودراستها فائدة كبيرة ، حيث يسهل الرجوع إليها والاستفادة منها . رابعاً : شمول هذا البحث لمعظم الكتب الفقهية( )، فبالاشتغال به تزداد الحصيلة العلمية لدى الباحث إن شاء الله . خامساً:هناك مسائل وفروع فقهية ليس فيها رواية في المذهب غير رواية الحسن بن زياد . سادساً : رغبتي في الإسهام ولو بجهد ضئيل في خدمة الفقه الإسلامي وإبراز شخصية عَلَمٍ منْ أعلام سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى أجمعين .