شعر النقاد في القرنين الرابع والخامس الهجريين بين النظرية والتجربة / إعداد عبد الله بن إبراهيم الجريفاني ؛ إشراف أحمد بن حافظ الحكمي.
فقد أخذ هذا البحث على عاتقه دراسة شعر النقاد في القرنين الرابع والخامس الهجريين، وسعى إلى استجلاء أبرز خصائصه وسماته الفنية، وتغيّا الكشف عن أوجه التلاقي والاختلاف بين نظرياتهم النقدية وممارساتهم الشعرية، وكان السبيل الوحيد إلى تحقيق ذلك وضع الديوان الشعري في يد والمنجز النقدي في اليد الأخرى، والسعي الدؤوب إلى عرض كل ما جادت به قرائحهم على أطروحاتهم وأفكارهم ورؤاهم، فكان لي بعد تلك المعايشة الطويلة آراء وأحكام ونتائج أرصد أهمها في هذه الخاتمة. تبين لي في التمهيد ـ الذي أفردت شطراً منه للبحث في مفهوم الشعر عند النقاد الشعراء ـ أنهم لم يتمكنوا من إيجاد تعريف دقيق للشعر، ولم يستطيعوا وضع مفهوم شامل يحدد كنهه وماهيته وطبيعته؛ واكتفوا برسم الملامح العامة له، ووضع الحدود والأطر التي يجب أن يسير في نطاقها حتى يكتسب صفة الشعرية ولا يخرج إلى جنس أدبي آخر؛ وقد أرجعت السبب في ذلك إلى صعوبة عملية الإبداع الشعري، وتعدد أطرافها، وتشعبها، وغموضها، مما يجعل التعريف الجامع المانع للشعر يتأبى على كل من رامه وسعى إليه. أما الشطر الثاني من التمهيد فقد عرضت فيه أهم المصادر التي احتفظت بشعر النقاد، وأوضحت أن لكل مجموع من مجاميع النقاد الشعرية ظروفه الخاصة التي صاحبت جمعه وتحقيقه، فمنها ما حُقق من خلال الاعتماد على مخطوطات الديوان، ومنها ما سعى المحققون إلى جمع أشتاته من أمّات الكتب الأدبية والمصادر المختلفة، ومنها ما ظنّت به تلك الكتب