توظيف الحلم في القصة القصيرة السعودية من 1400 هـ إلى 1420 هـ. : دراسة موضوعية وفنية / إعداد تهاني بنت عبد الله بن سليمان المبرك ؛ إشراف محمد بن حسن الزير.
إن الحديث عن الحلم حديث عن ظاهرة حظيت باهتمام البشرية عبر عصور التأريخ كلها . ولقد كانت الأحلام ولا زالت تخلب لب الإنسان , وتثير فيه مختلف الانفعالات. والناس كثيرًا ما ينصتون إليها ويصدقونها ؛ لأنها تنبئهم عن أمور مستقبلية كامنة في طوايا الغيب , وتحذرهم من الأخطار التي يجهلونها أو يتجاهلونها , وتلفت انتباههم إلى أخطاء تشوب تصوراتهم ومواقفهم . ويشعرون بقربها منهم وبملاصقتها لهم, وأنها رسائل شخصية منبعثة منهم وإليهم , فحيث يسعهم إخفاء أشياء عن الآخرين ودفنها , لا يمكنهم ذلك مع الأحلام التي تواجههم بما يخفونه , وتعري أسرارهم ومخاوفهم في تحدِّ وجسارة لا يملكون دفعها . وهي لا تدهش الناس بقدرتها الخارقة على التنبؤ , أو بقراءتها الذكية الحكيمة لذواتهم الإنسانية ولواقعهم فحسب , بل تدهشهم أيضـًا بلغتها الخاصة التي تجسد بها الأفكار والمشاعر ؛ تلك اللغة الصورية الرمزية الفريدة , المتحررة من المنطق ومن قيود الحقائق , المفككة , التي تذوب في إطارها الأزمنة وتتداخل , وفيها يعتري الأشخاص والأماكن تحولات خيالية , وفيها يتحقق المستحيل. ومثلما استقطبت الأحلام اهتمام الناس عامة استقطبت اهتمام الأدباء , وبات العديد من كتاب القصة مأخوذين بها , فحملهم ذلك على تصويرها في قصصهم وتوظيفها , توظيفـًا يطوعون به دلالاتها الإيحائية والرمزية ؛ لخدمة مضامينهم ولتشييد بنائهم القصصي