المظاهر الحضارية في شعر القرن الثاني : دراسة موضوعية وفنية
كنت أعجب ، ويهزني الطرب ، ويأخذني الفخر عندما أقرأ في كتب التاريخ والسير ما حبا الله به أمة الإسلام من عز وسؤدد ، وما نالت من تحضر مادي ومعنوي كان له الأثرُ البين في تَأَثُّر الشعر العربي بما عاشه شعراءُ القرن الثاني للهجرة ، وما شاهدوه من تحضر مجتمعهم ، فقاموا يصورونه ، ويبدعون في إخراجه في أشعارهم فَسجَّلتْ محابُرهم مآثَر أمتهم الحضارية بما فيها من ظُرْفٍ وأناقة وتقلب في النعيم ، وتفتنن في المعاش والأثاث والرياش. ولقد كنت في أثناءِ قراءتي للأدب العربي في عصوره المختلفةِ أدقق النَّظَر في شعر ذلك القرن ، وأَقرأُ بنهم ما كتبه الدارسون لشعرِ تلك الفترة ، فاسْتَهْوتني تلك النقلةُ الحضارية التي حظي بها الشعرُ في ذلك الزمن ، ولفت نظري ما تضمنه من تصوير حضاري لمجتمعه في شتى مجالاته ، وكان إيماني أن الأدب – شأنُه شأنَ سائر العلوم والفنون – هو طريقةٌ لنقل المعرفة في متعة ترافقها ، ورِضىً فنيٍّ يصاحبُها، فلم أجد أجمل من اختيارِ مُسمىً يتزامنُ مع تلك النقلة وإعجابي بها فطاب لي أن يسمى بحثي هذا ""المظاهر الحضارية في شعر القرن الثاني الهجري "" دراسة موضوعية وفنية. ولم تكن تلك التسميةُ من إبداع فكري بمفرده، بل إن الفضل يعود بعد توفيق الله، لثلة مباركة من أساتذة الأدب العربي في كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض ، الذين استأنست برؤاهم ، واستفدتُ من أفكارهم ، وأسهموا في اختيار عِنوانِ بحثي ، ورسمِ خطته ، فجزاهم الله عني خيراً.