التعويض العيني في الأعضاء في الشريعة الإسلامية والنظام السعودي
وقد حذا بي إلى اختيار هذا البحث ما يلي : أولاً – سد فراغ مكتبة الفقه الإسلامي بإيجاد دارسة متخصصة تبحث موضوع التعويض العيني دارسة عميقة مؤصلة من خلال فقه الشريعة الإسلامية . ثانياً - مواجهة هذه المفاسد التي تشكل تعدياً على مقاصد الشريعة ، ويكون باعتماد الروادع ، و الزواجر المتمثلة بالقصاص و التعويض العيني العادل . فالقصاص و التعويض العيني ، ليسا مقصودان لذاتهما و إنما لكونهما وسيلة إلى تحقيق مصلحة خاصة للمجني عليه غايتها شفاء غيظه ومصلحة عامة للمجتمع غايتها استتباب الأمن ، وكلاهما يمثل مقتضى من أما إذا قارناها بأذن صناعية من صنع البشر قلنا : بأنها تشبهها في بعض الوظائف ، و لكنها ليست من عين جنسها . فيمكن القول بأن هذه أذن عينية "" للأذن البشرية "" وهذه أذن مثلية "" للأذن الصناعية "" فلو أقدم الجاني على قطع أذن المجني عليه ، فربما يمكن إبدالها بأذن الجاني كتعويض عيني في ظل تطور الطب الحديث ، فتكون من عين جنسها. وعليه فإن موضوع بحثنا التعويض العيني في الأعضاء يقصد به التعويض بـ "" عين جنس الأعضاء البشرية "". قال العلامة ابن خلدون في مقدمته : ( إن الظلم مؤذن بخراب العمران لفساد النوع ، وغير ذلك من سائر المقاصد الشرعية في الأحكام ، فإنها كلها مبنية على المحافظة على العمران ) . و الحاجة البشرية للدفاع عن الأمن للفرد ، و المجتمع دفعت الكثير منهم للبحث عن الوسائل و الأدوات التي تشكل الحماية والعدالة لمصالح الجماعة و اجتماعها مقتضيات السياسة الجنائية التي تسعى الشريعة إلى حمايتها ، و المحافظة على المقاصد المعتبرة شرعاً أساس لحماية النظام العام . وجرائم الاعتداء على النفس ، و ما دونها من الجرائم التي نظمتها الشريعة الإسلامية في أصولها ، فهي أفعال تشكل تعدياً على النفس الإنسانية و التي حرصت الشريعة على حفظها . ذلك أن الاعتداء عليها هو اعتداء على الفرد مباشرة ، و على الجماعة بشكل غير مباشر . ومن هنا كانت العقوبة على هذه الجرائم مقدرة من الشارع الحكيم كالحدود ، بيد أنها بخلاف الحدود يغلب فيها حق الفرد ، لذلك أعطي المجني عليه حق القصاص كما أعطي حق العفو . فهل أعطي المجني عليه حق التعويض العيني إذا ما تحققت شروطه وظروفه المعتبرة ؟ . من هنا كانت الحاجة الماسة إلى الكثير من الدراسات الإسلامية الواعية الجادة كي تعود إلى المسلمين ثقتهم بأنفسهم ، فيدركون قيمة التقيد بالأحكام الشرعية فيقبلوا على الإسلام ، وفهمه وتطبيقه ، وبث رسالته إلى البشرية ، لذلك كان لابد من البرهان على أن الشريعة الإسلامية كانت وما زالت هي المحققة للعدالة و السعادة المطلقة لبني البشر من أي قانون آخر مهما أطلق على هذا القانون من مسميات