الاحتجاج العقلي والمعنى البلاغي دراسة وصفية /
يتناول هذا البحث فكرة (الاحتجاج العقلي) في (المعاني البلاغية)، يرصد حركتها منذ أن بدأت الفكرة تطفو على صعيد الممارسة الإبداعية في الفنون النثرية والشعرية في الأدب العربي منذ العصر الجاهلي إلى مرحلة تبلورها في العصر العباسي كمصطلح بلاغي، تناثرَ مضمونه في مصطلحات بلاغية متعددة، حاول البحث أن يجمع شتات فُرْقتها، ويوحّد شملها في مفهومها العام (الاحتجاج العقلي)، الذي توسّل بأساليب بلاغية متعدّدة كالتمثيل، والتعليل، والنظر، والخبر، وهي وسائل تزاوج في فنية الأداء بين التحقيق المقنع والتخييل الموهِم. ثم أخذ البحث يرصد حركة الاحتجاج بين المعاني البلاغية، في المعنى ومعنى المعنى، من حيث الألفة والغرابة، والابتداع والاتباع، والتحقيق والتخييل، والإقناع والإيهام، ويكشف عن أثر الاحتجاج في تحرير هذه المعاني، ودوره في إثارة الملكات الذهنية للمرسل، وتأثيره في المشاعر النفسية للمتلقي، الأمر الذي يتجاوز بالرسالة الأدبية وظيفتها في الإمتاع الفني والتأثير النفسي إلى الإقناع العقلي. واستطلع البحث آراء النقاد العرب القدماء منهم والمحدثين حول ظاهرة الاحتجاج في المعاني الشعرية والخطابية، وخرج بتصوّر يدل بوضوح على تشجيع القدماء لهذه الظاهرة وإشادتهم بفنيتها البلاغية في أي جنسٍ أدبي وقعت، وعلى أيِّ صورةٍ كانت، وهو الأمر الذي توقَّف عنده المحدثون، وربطوا هذه المسألة بالخصائص الفنية للأجناس الأدبية، وانتهوا إلى ضرورة إقصاء الاحتجاج من المعاني الشعرية إلاّ إذا كان على سبيل الخداع والإمتاع لمناسبته والوظيفة الشعرية القائمة على التصوير والتخييل، والبعد عن التحقيق